للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: إذا لم يكن الزائد متفاوتًا. والثاني: إذا لم يكن في ذلك ضرر بأن يترقى منه إلى غيره فإن خرج عن هذين الوجهين لم يجز التسعير أيضًا ولكن يقال للذي تولى الزيادة أخرج عن سوقنا كما فعل عمر بن الخطاب بحاطب بن أبي بلتعة (١) هذا إذا كان من أهل السوق.

وأما إن كان الجالب للبيع من غير أهل البلد فذلك الذي يبيع كيف شاء لا يمنع منه ولا يحجر عليه كما قال عمر ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده الحديث (٢).

وهذا مبنى على قاعدة المصلحة فإن الجالب لو قيل له كما يقال للرجل من أهل السوق: إما أن تبيع بسعرنا وإما أن تقوم عن سوقنا لانقطع الجلب واستضر الناس وعلى هذا انبنت مسألة التسعير في أن كل من جلب من المعاهدين إلى بلاد الإسلام أخذ منه العشر إلّا أن يجلب إلى مكة فإنه يؤخذ منه نصف العشر مصلحة سببها التحريض والتحضيض على جلب الأقوات إليها وفائدته كثرته فيها ولما لحظ ابن حبيب من أصحابنا هذه المصلحة وفهم المقصود قال إن الجالب للطعام لا يمكن أن يبيع إلا بسعر الناس ما خلا القمح والشعير فإنه يكون فيه بحكم نفسه للحاجة ولتمام المصلحة (٣) بهما.

باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه (٤)

أما بيع الحيوان بعضه ببعض نقدًا فلا كلام فيه ولا تقريح عليه وأما بيعه نسيئة فإنه جائز عندنا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وجماعة الكوفيين إن الحيوان لا يثبت في الذمة لأن الصفة لا تحصره وقد تقدمت المسألة (٥) وبنى مالك أصله في الرد عليهم بقول علي إمامهم


(١) مالك عن يونس بن يوسف عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب مر بحاطب ابن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبًا له بالسوق فقال له عمر بن الخطاب "إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا".الموطأ ٢/ ٦٥١ وأورد ابن الأثير في جامع الأصول ١/ ٥٩٤ وسنده صحيح.
(٢) مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال "لا حكرة في سوقنا لا يعمد رجال بأيديهم فضول إلى رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا ولكن أيما جالب جلب على عمد كبده في الشتاء والصيف فذلك ضيف عمر فليبع كيف شاء الله وليمسك كيف شاء الله". الموطأ ١/ ٦٥٢ وشرح السنّة ٨/ ١٧٨.
(٣) انظر المنتقى للباجي ٥/ ١٨.
(٤) الموطأ ٢/ ٦٥٢.
(٥) انظر اللباب في شرح الكتاب ٢/ ٤٢ شرح فتح القدير ٥/ ٣٢٨.

<<  <   >  >>