للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: ورد النهي مطلقًا من غير تخصيص (١) بقعةٍ، وجعل - صلى الله عليه وسلم - الطفيتين والأبتر علامة على الإذالة الجبليّة الموجبة للقتل ابتداءً لأنّ الحيوان على قسمين:

منه ما جبلته الإذاية فهذا يقتل ابتداءً كما سبق.

ومنها ما لا يؤدي إلا عَرَضًا فهذا لا يقتل إلا أن ينشىء الإذاية كالجمل الصؤول والكلب العقُور.

[باب السفر]

أدخل مالك رضي الله عنه هذه الترجمة، ولم يدخلها أئمة التصنيف في أكثر وهو باب كبير، وله فصولٌ كثيرة، ومسائل متعلقة يجمعُها أن السفر على قسمين هرب أو طلب، وينقسم من جهة أقسام أحكام المكلفين إلى عددها الخمسة، فالقسم الأول هو قسم الهرب وينقسم إلى ستة أقسامٍ.

الأول: الخروج من دار الحرب إلى دار السلام، وقد كانت فرضًا في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم -، يتعين على الخلق أن يهاجروا إليه، حيث كان. ثم انقطعت تلك الهجرة بفتح مكة، وبقي الخروج من أرضِ الحرب دائمًا، فإن بقي في دار حربٍ فهو آثم.

الثاني: الخروج من أرض البدعة.

قال ابن القاسم: سمعتُ مالكًا يقول:"لا يحلُّ لأحدٍ أن يقيم بأرض يُسبُّ فيها السلف"، وهذا صحيح فإن المنكر إذا لم تقدر على تغييره لم يحلْ لك أن تجالس صاحبه. قال تعالى: {وإذا رأيتَ الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} إلى قوله {الظالمين} (٢) وقال تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات


تهامة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بنخل عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا: هذا الذي حال بيننا ويين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} فأنزل الله عز وجل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}، البخاري في تفسير سورة الجن ٦/ ١٩٩، ومسلم في الصلاة (٤٤٩)، والترمذي (٣٣٢٠)، أما نفي ابن عباس القراءة على الجن فقد أجاب عنه الحافظ بقوله: أثبت ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الجن فكان ذلك مقدمًا على نفي ابن عباس وقد أشار إلى ذلك مسلم فقد أخرج عقب حديث ابن عباس هذا حديث ابن مسعود. فتح الباري ٨/ ٦٧٠ وانظر مسلم (٤٥٠) في الصلاة.
(١) في ك وم ببقعة.
(٢) سورة الأنعام آية (٦٨).

<<  <   >  >>