للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه لاستغنائه هو عنه وكان عمر يُشهد عليهِ أنه قد أوصلَ إليهِ حقه (١)، ويرى عمر أن ما جرى له مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أصل فيما بينه وبين حكيم وقد بين النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن ما كان عن غير مسألةٍ فهو رزق رزقه الله، يُريدُ من غير تعَبٍ ولا مهانةٍ (٢)، فإن التعب كلفةً والسؤال ذلةً، ولذلك أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - على الفقراءِ بالعزَّة فقال: (لأن يأخذ أحدكم حيلة فيحتطبُ خيرٌ له من أن يسأل) (٣) وأما كيفية السؤال المترتبة على من عنده مال فهي مسألة فقهية، الصحيح فيها أنها تجوز لكلِ أحدٍ وبكلِ حال إذا بيَّن سؤاله كما بيناهُ.

[نكتة]

ذكر مالك رضي الله عنه أنه بلغهُ قول رسوِل الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلُّ الصدقة لآل محمّدٍ، إنما هي أوساخ الناس) (٤) والحديث صحيح ضرَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المثل بقوله: (أرأيت لو أن


= المتقدمة أن أعلى الأيد المنفقة ثم المتعففة عن الأخذ ثم الأخذ بغير سؤال وأسفل الأيدي السائلة والمانعة. فتح الباري ٣/ ٢٩٧.
(١) هذا حديث متفق عليه أخرجه البخاري في الزكاة باب الاستعفاف عن المسألة ٢/ ١٥٢، ومسلم في الزكاة باب بيان أن أفضل الصدقة الصحيح الشحيح (١٠٣٥) من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال: (يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه) ... ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئاً فقال عمر: أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه ....
(٢) روى مالك في الموطأ ٢/ ٩٩٨ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده عمر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لم رددته)؟ فقال: يا رسول الله أليس أخبرتنا أن خير لأحدنا ألا يأخذ من أحد شيئاً؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما ذلك عن المسألة فأما ما كان من غير مسألة فإنما هو رزق يرزقكه الله) فقال عمر بن الخطاب: أما والذي، نفسي بيده لا أسأل أحداً شيئاً ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته.
قال ابن عبد البر هذا مرسل باتفاق الرواة. شرح الزرقاني ٤/ ٤٢٤، وقد أخرجه البخاري في كتاب الأحكام باب يزق الحكام والعاملين عليها ٩/ ٨٤ - ٨٥ موصولاً وكذلك أخرجه مسلم في الزكاة باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إسراف (١٠٤٥) (١١٠ و ١١١ و ١١٢).
(٣) مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه)، الموطأ ٢/ ٩٩٨، ورواه البخاري في الزكاة باب الإستعفاف عن المسألة ٢/ ١٥٢، ومسلم في الزكاة باب كراهة المسألة للناس (١٠٤٢).
(٤) الموطأ ٢/ ١٠٠٠ ورواه مسلم من طريق الزهري أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب =

<<  <   >  >>