(٢) قال في الأحكام ذكر الله طلب العبد للمكاتبة وأمر السيد بها حنيئذ وهي حالتان الأولى أن يطلبها العبد ويجيبه السيد فهذا مطلق الآية وظاهرها. الثانية أن يطلبها العبد ويأباها السيد وفيه قولان الأول لعكرمة وعطاء أن ذلك واجب على السيد وقال سائر علماء الأمصار لا يجب ذلك عليه وتعلق من أوجبها بمطلق قوله تعالى (فكاتبوهم) الأحكام ص (١٣٨٢). وزاد القرطبي على الذي ذكر ابن العربي مسروق وعمرو بن دينار والضحاك بن مزاحم وجماعة أهل الظاهر فكلهم قالوا إن ذلك واجب على السيد. وقال علماء الأمصار لا يجب ذلك وتعلق من أوجبها بمطلق الأمر وافعل بمطلقه على الوجوب حتى يأتي الدليل بغيره وروي ذلك عن عمر وابن عباس واختاره الطبري واحتج داود أيضًا بأن سيرين أبا محمَّد بن سيرين سأل أنس بن مالك الكتابة وهو مولاه فأبى أنس فرفع عمر عليه الدرة وتلا (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً) فكاتبه أنس قال داود وما كان عمر ليرفع الدرة على أنس فيما له مباح ألا يفعله. وتمسك الجمهور بأن الإجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك ولم يجبر عليه وإن ضوعف له في الثمن وكذلك لو قال له أعتقني أو دبرني أو زوجني لم يلزمه ذلك بإجماع فكذلك الكاتبة لأنها معاوضة فلا تصح إلا عن تراض وقولهم مطلق الأمر يقتضي الوجوب صحيح لكن إذا عري عن قرينة تقتضي صرفه عن الوجوب وتعليقه هنا بشرط علم الخير فيه فعلق الوجوب على أمر باطن وهو علم السيد بالجزية.=