للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث الثاني فقال: (فَأكْمِلُوا الْعَدَدَ ثَلَاِثينَ) (١) فكان هذا تفسير التقدير.

وأما الثاني فلا يجوز أن يعوَّل في ذلك على قول الحساب لا لأنه باطل ولكن صيانة لعقائد الناس أن تناط بالعلويات وأن تعلق عباداتها بتداور الأفلاك ومواقعها في الاجتماع والاستقبال، وذلك بحر عجاج إن أدخلوا فيه، وأين هذا لمن عَقِل من التابعين وغيرهم من قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا أُمِّيِّةُ (٢) لَا نكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ الشهْرَ هكَذَا" (٣) الحديث. فإذا كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ينفي عن نفسه تعريف الأنامل المعتادة عند أهل الحساب فأولى وأحرى أن ينفي عن نفسه تعريف الكواكب وتعديلها.

[فقه]

وإن كان الحكم منوطاً بالرؤية فليس يتفق لكل أحد أن يراه؛ لأن ظهوره لحظة عن غفلة فإنما يراه بعضٌ دون بعضٍ ويلزم الصوم لمن لم يَرَه بمن رأى.

واختلف الناس فيمن يلزم به الصوم، فقيل يلزم باثنين لأنهما (٤) أصل الحقوق الخفية. وقيل يلزم بواحد، وممن قاله (ش) (٥)، وقد روى ابن عمر قال: (رَأيتُ الْهِلاَلَ عَلَى عَهْدِ النبِي، - صلى الله عليه وسلم -، فَأعْلَمْتُهُ فَأمَرَ بِالصَّوْمِ) (٦) أخرجه أبو داود.


(١) الموطأ ١/ ٢٨٧.
(٢) قال الخطابي: إنما قيل لمن لا يكتب ولا يقرأ أمي لأنه منسوب إلى أمة العرب، وكانوا لا يكتبون ولا يقرؤون، ويقال إنما قيل له أمي على معنى أنه باق على الحال الذي ولدته أمه لم يتعلم قراءة ولا كتابة.
شرح السنة ٦/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٣) متفق عليه. البخاري في الصيام باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نكتب ولا نحسب ٣/ ٣٥، ومسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان ٢/ ٧٦١، والبغوي في شرح السنة ٦/ ٢٢٨ من حديث ابن عمر.
(٤) هذا مذهب مالك. انظر بداية المجتهد ١/ ٢٠٩، قال البغوي وهو أظهر قولَي الشافعي. شرح السنة ٦/ ٢٤٤.
(٥) انظر المجموع ٦/ ٢٧٥
(٦) أبو داود ٢/ ٧٥٦، وابن حبان انظر موارد الظمآن ص ٢٢١، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٢٣ وقال صحيح على شرط مسلم. والدارقطني في السنن ٢/ ١٥٦ وقال تفرَّد به مروان ابن محمَّد عن ابن وهب وهو ثقة، والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٤١٢ وقال هذا الحديث يعد من إفراد مروان بن محمَّد الدمشقي رواه عنه الربيع بن سليمان، وقال الشيخ ناصر لم ينفرد به مروان بن محمَّد عن ابن وهب، وهو ثقة فقد تابعه هارون بن سعيد الأيلي ثنا عبد الله بن وهب به أخرجه الحاكم وعنه البيهقي إرواء الغليل ٤/ ١٦.
درجة الحديث: صحَّحه الحكم ووافقه الذهبي وابن حزم في المحلى ٦/ ٢٣٦ فقال خبر صحيح، وأقره الحافظ في التلخيص ٢/ ١٨٧، وصححه أيضاً النووي في المجموع ٦/ ٢٧٦.

<<  <   >  >>