للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال إنه ليس مثل الأول ورواه بعضهم عن مالك (١) وهو رد للعربية وحط لمرتبة الحرم في الشريعة؛ فإن منزلة الحرم كمنزلة الإحرام في وجوب الاحترام وقوله {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} يقال فيه أحرم الرجل إذا تلبّس بالإحرام كما يقال أحرم الرجل إذا دخل الحرم، وكما يقال أحرم إذا دخل في الشهر الحرام ومن هذا قوله:

قتلوا الخليفة ابن عفان مجرماً ... فدعا فلم ير مثله مخذولا (٢)

يعني أنه كان في البلد الحرام، وهي المدينة، وفي الشهر الحرام، وهو ذو الحجة فلا ينبغي أن يشتغل بتلك الرواية ..

[ما يقتل المحرم من الدواب]

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَمْسُ فَوَاسِقٍ يُقْتَلْنَ في الْحِل وَالْحَرَمِ" (٣)، فذكرها، واختلف الفقهاء في إلحاق غيرها بها وَاعَجَباً لمن يلحق الجصى بالبر (٤) في الربا ولا يلحق الفهد والنمر والذيب (٥) بهذه، وقد نبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم -، في هذا الحديث على العلة، وهي القسق، ولم يتعرَّض لعلة الربا في البر بتنبيه ولكنه فهم من ذكر الأعيان الأربعة التنبيه على أمثالها فههنا أولى، ولا وجه لقول من قال: إن من يبتدئ الأذاية بخلاف من لا يبتديها لأن من كانت الأذاية في طبعه فواجب قتله ابتدأ أو لم يبتدئ لوجود فسقه الذي صرَّح النبي - صلى الله عليه وسلم -، به. ألا ترى أن الحربي يقتل ابتدأ بالقتال أو لا لاستعداده لذلك ووجود سببه


= الرابع: أنه قال: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} والذي يتصور فيه الهدي مثل المقتول من النعم، فأما القيمة
فلا يتصور أن تكون هدياً .. أحكام القرآن للشارح ٢/ ٦٧٠، وانظر أحكام القرآن للكيا الهراسي
٣/ ٢٩٠، وأحكام القرآن للجصاص الحنفي ٢/ ٤٧٣.
(١) يرى الباجي أن مَنْ قتل الصيد في الحرم فعليه الجزاء سواء كان حلالاً أو محرماً فقال: الدخول في الحرم إحرام يتعلق به النسك ويمنع التصيد فأوجب أن يجزى بقتل الصيد كالإحرام بالحج أو العمرة. المنتقى ٢/ ٢٥٢.
(٢) صحاح الجوهري ٥/ ١٨٩٧، تاج العروس ٨/ ٢٣٩، والمنتقى ٢/ ٢٥٢، وأحكام القرآن للرازي ٢/ ٢٨٢، ولسان العرب ١٢/ ١٢٣ وقال: قال الراعي.
(٣) متفق عليه. البخارى في الحج باب ما يقتل المحرم من الدواب ٣/ ١٧، ومسلم في الحج باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم ٢/ ٨٥٧، والموطأ ١/ ٣٥٦، وشرح السنة ٧/ ٢٦٦ كلهم من حديث ابن عمر، ورواه مسلم أيضاً عن عائشة ٢/ ٨٥٧ في الباب السابق.
(٤) قلت: يشير بذلك إلى مذهب الأحناف. انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ٥/ ٢٧٩.
(٥) قال العيني: قال أبو حنيفة: المراد بالكلب هنا -أي في الحديث- الكلب خاصة، ولا يلحق به في الحكم سوى الذئب. عمدة القارئ ١٠/ ١٨١.

<<  <   >  >>