الحمد لله العليم الحكيم باعث الرسل هادين إلى طريقه المستقيم، والصلاة والسلام على من جاء رحمة للعالمين ومنقذاً للبشرية من الشر والضلال {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء/ ١٠٧] نبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد، فإنما الهدى هدى الله وقد اشتمل عليه كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
والسنة النبوية بعد القرآن الكريم أشرف العلوم وأعلاها؛ إذ هي المبينة لمشكله، المفصّلة لمجمله، المخصّصة لعامه، المقيّدة لمطلقه وفيها أسند الله إلى رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، بيان القرآن (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} [النحل/ ٤٤].
وكان بيانه - صلى الله عليه وسلم - معصوماً موفقاً {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم/ ٣ - ٤].
ولولا بيان السنة للقرآن لما عرفنا كثيراً من الأحكام كأعداد الصلوات والركعات ومقادير الزكاة ومناسك الحج.
وقد أمر الله تعالى، عند التنازع، بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله فقال:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللِه والرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله}[النساء/ ٥٩].
لهذا تضافرت جهود المحدثين لخدمة السنة النبوية واهتموا بحفظها وتدوينها اهتمامًا بالغاً، فقد نقل الصحابة، رضوان الله عليهم، لنا أقوال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأفعاله كلها من مطعم ومشرب ويقظة ونوم وقيام وقعود، فلم يتركوا شيئاً صدر عنه، - صلى الله عليه وسلم -، إلا نقلوه.
وكان من شدة حرص الصحابة على تلقّي السنة من الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أنه إذا كانت