للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلاف وكثر فيها النزاع وبسطت فيها الأدلة، فيا ليت شعري إذا صلى ركعة واحدة تكون له وترًا لماذا (١). هذا مما لا أرى له وجهًا والله أعلم.

فَضْلُ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ

عند علمائنا (٢) وعند (ح) (٣) و (ش) (٤) إن صلاة الجماعة من فروض الكفاية لأنها من شعائر الدين وليست عامة في جميع المسلمين، وعليها ترجم مالك، رضي الله عنه، بقوله (فَضْلُ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ) (٥). ولولا أن صلاة الفذ مجزية ما كان بينها وبين صلاة الجماعة فضل؛ لأن الفضل فرع الأجزاء ومن الممتنع ثبوت الفرع مع عدم الأصل.

فإن قيل ولعل المفاضلة أرفع بينهما إذا كانت صلاة الفذ على (٦) عذر، قلنا: هذا لا يجوز لأن صلاة المعذور مساوية في الإجزاء لصلاة المقدور، حسب ما بيناه من قبل ونص عليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، (حين قال "إِنَ بِالْمَدِينَةِ قَوْمًا مَا سَلَكْتُمْ وَاديًا وَلَا قَطَعْتُمْ شعبًا إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمُ حَبَسَهُمُ الْعذْرُ" (٧).

فإن قيل فقد روى مسلم أن رجلًا ضرير البصر جاء إلى النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، يعتذر إليه


= الضحايا إلى الذبائح ولا يوجد فيها كتاب الصلاة الذي هو مظنة هذا الكلام. وعلي بن زياد هذا هو التونسي الثقة الأمين المرجوع إليه في الفتوى، سمع جماعة منهم الليث والثوري، وعنه روى الموطأ وكتبًا أخرى. مات سة ١٨٣ بتونس. شجرة النور الزكية ١/ ٦٠، والديباج لابن فرحون ٢/ ٩٢، المدارك ١/ ٣٢٦، وطبقات علماء أفريقية وتونس ٢٢٠ - ٢٢٣، ورياض النفوس ١/ ١٥٨، والحلل السندسية ١/ ٣/ ٧٠٨ - ٧٧١.
(١) أي أنها لم تسبقها صلاة شفع لتوترها بتلك الركعة الواحدة، كما في لفظ الحديث: "فَإِذَا خَشي طُلُوعَ الْفَجْرِ أوْتَرَ بِرَكْعَةٍ تُوترُ له مَا قَدْ صَلَّى" وقد تقدم تخريجه. وقد ورد ما يدل على مشروعية الوتر بركعة واحدة كما في حديث أبي أيوب عند الحاكم ١/ ٣٠٢ وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(٢) في (ص) و (م) و (ك) زيادة رحمة الله عليهم.
(٣) انظر مذهب الأحناف في شرح فتح القدير ١/ ٢٤٣.
(٤) وانظر مذهب الشافعي في الروضة ١/ ٣٣٩.
(٥) الموطّأ ١/ ١٢٩.
(٦) في (م) عن.
(٧) مسلم باب ثواب من حبسه عن العذر مرض أو عذر آخر: ٣/ ١٥١٨.

<<  <   >  >>