للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الصيام عن الميت]

ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، في الصِحاح أنه قال: "مَنْ مَات وَعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وليُّهُ" (١).

وعن ابن عباس أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - "فَقَالَتْ: يَا رَسولَ الله إن أمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْها صَومٌ أفَأقْضِيه عَنْهَا؟ ... إلى قولهْ: فَدَيْنُ الله أحَق أنْ يُقْضَى" (٢).

واختلف الناس في القول به، فمن قال به أحمد (٣) بن حنبل، وقال الحسن بن أبي الحسن: إن صام عنه ثلاثون رجلاً من قومه يوماً أجزأه (٤) .. وهذه مسألة تصعب على الشاذين إذا صدمتهم هذه الظواهر، وتسهل على العالِمين (٥)، وخذوا فيها، وفي أمثالها، دستوراً يسهل عليكم السبيل ويوضح لكم عن الدليل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَهُ عَنْهُ وَليُّهُ" ..

قلنا: لا يخلو هذا الميت أن يكون قَدر على الصوم وتركه، أو لم يقدر قط عليه، فإن لم يقدر عليه لم يجب عليه شيء، وإن قدر عليه وتركه مختاراً فكيف تشتغل به ذمة وليه .. وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِزةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٦) وقال تعالى: {وَأَنْ ليْسَ


(١) متفق عليه. البخاري في الصوم باب من مات وعليه صوم ٣/ ٤٦، ومسلم في الصوم باب فضل الصيام عن الميت ٢/ ٨٠٣، وأبو داود ٢/ ٧٩١ - ٧٩٢. قال أبو داود: هذا في النذر، وهو قول أحمد بن حنبل، كلهم عن عائشة.
(٢) متفق عليه. البخاري في الصوم باب ما جاء في الصوم عن الميت ٣/ ٤٦، ومسلم في الصوم باب قضاء الصيام عن الميت ٢/ ٨٠٤.
(٣) انظر المغني ٢/ ١٥٣ - ١٥٣، وشرح السنة ٦/ ٣٢٦، وفقح الباري ٤/ ١٩٣.
(٤) علّقه البخارى في الصوم باب من مات وعليه صوم ٣/ ٤٦، قال الحافظ: وصله الدارقطني في كتاب الذبح من طريق عبد الله بن المبارك عن سعيد بن عامر، وهو الضبعي، عن أشعث عن الحسن فيمن مات وعليه صوم ثلاثين يوماً فجمع له ثلاثون رجلاً فصاموا عنه يوماً واحداً أجزأ عنه. قال النووي في شرح المهذب: هذه المسألة لم أر فيها نقلاً في المذهب وقياس المذهب الإجزاء. وقال: قلت: لكن الجواز مقيَّد بصوم لم يجب فيه التتابع لفقد التتابع في الصورة المذكورة. فتح الباري ٤/ ١٩٣ وانظر المجموع ٦/ ٣٧١.
أقول: هذا الأثر فيه أشعث بن إسحاق بن سعد بن مالك بن هانئ الأشعري القمي، ابن عم يعقوب، صدوق من السابعة. ت ١/ ٧٩ وقال في ت ت: وثقة النسائي وابن حبان ت ت ١/ ٣٥٠.
درجة الأثر: حسن.
(٥) في (ك) و (ص) على أهل العلم، وفي (م) العلماء.
(٦) سورة الزمر آية ٧.

<<  <   >  >>