للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الإيلاء]

أدخل مالك حديث عليّ بن أبي طالب أنه كان يقول (إذَا آلَى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ وإِنْ مَضَتِ الْأرْبَعَةُ الْأشْهُرِ فَإما أنْ يُطَلِّقَ وَإمَّا أنْ يَفِيءَ) (١).

وأدخل مثله عن عبد الله بن عمر (٢) لتبيين أن فقهاء الكوفة والمدينة من الصحابة قد اتفقوا على أن الطلاق لا يقع على المولى بمضي مدة الإيلاء حتى يوقف خلافاً لأبي حنيفة، وأصحابه من الكوفيين، الذين يقولون إن الطلاق يقع بمضي المدة من غير توقيف (٣)، فعجب مالك لهم من أين تلقفوها وعالمهم الأكبر ومفتيهم الأعظم، وهو عليّ، يخالفهم فيها وهي مسألة عسرة جداً اختلف فيها الصحابة والتابعون وفقهاء الأمصار، وسبيل الحجة فيها غير لائحة، والخلاف إنما ينشأ فيها من آية الإيلاء وهي قوله


(١) الموطأ ٢/ ٥٥٦ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ محمد عَنْ أبِيهِ عَنْ عَلي بنِ أبِي طَالِبٍ أنَّه كان يَقول: إذَا آلى الرجل مِن امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطلاَقُ .. وهذا منقطع لأن محمداً لم يدرك علياً، وقد تقدم الكلام عليه، ورواه ابن أبي شيبة ٥/ ١٣١ من طريق عَمْرو ابنِ سَلَمَةَ أنَّ عَلِيْاً كان يُوقِفهُ بَعْدَ الأرْبَعَةِ الأشْهُرِ حَتى تَبَينَ رَجْعَة أوْ طَلاَقاً.
درجة الحديث: صحيح كما قال الزرقاني في شرحه ٣/ ١٧٣، والحافظ في الفتح ٩/ ٤٣٨، وهو يعضد رواية الموطأ.
(٢) مَالك عَنْ نَافِع عَنْ عبْدِ الله بْنِ عُمَرَ أنّه كان يَقول: أيمَا رَجُل آلَى مِنْ امْرأتهِ فَإنهُ إذَا مَضَتِ الْأرْبَعَة الْأشْهُرِ وقفَ حَتى يُطَلقَ أوْ يَفِيءَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطلَاق إذَا مَضَتِ الأرْبَعَة الْأشْهرِ حَتَّى يُوقف) الموطأ ٢/ ٥٥٦، وأخرجه البخاري في الطلاق باب قوله تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} البقرة آية ٢٢٦ - ٢٢٧ البخاري ٧/ ٦٤، والشافعي في مسنده من طريق مالك ٢/ ٤٣ وزاده: فإما أن يطلق وإما أن يفيء. وقال الحافظ: أخرجه الاسماعيلي من طريق معن بن عيسى عن مالك بلفظ (أيُّمَا رَجُل آلَى مِنِ امْرَأتِهِ فَإذَا مَضَتْ أرْبَعَة أشْهرٍ يوقِف حَتى يطَلِّقَ أوْ يَفِيءَ ...) وقال: هذا تفسير للآية من ابن عمر، وتفسير الصحابة في مثل هذا له حكم الرفع عند الشيخين .. كما نقله الحاكم فيكون فيه ترجيح لمن قال يوقف. فتح الباري ٩/ ٤٢٨.
درجة الحديث: صحيح.
(٣) انظر أحكام القرآن للجصاص الحنفي ١/ ٣٦٠، وشرح فتح القدير لابن الهمام ٣/ ١٨٤.

<<  <   >  >>