للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الرضاع]

الرضاع حرمة (ومذمة) (١) ألحقها الله بالنسب كما ألحق حرمة المصاهرة به. والرضاع أكد منها لأنه بعضية، كما أن حرمة النسب من البعضية، ولما كان ملحقًا بالنسب ذكره الله بعده إلا أنه قال: {حُرمَت عَلَيْكُم أُمَّهَاتُكُمْ} (٢)، فاستوفى محرمات النسب، ثم ذكر محرمات الرضاع فقال {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}، ولم يزد، واقتصر على الأم من الأصول وعلى الأخت من الفروع. أما أنه ورد حديثان صحيحِان تمم بهما النبى - صلى الله عليه وسلم -، معنى البيان وجاء فيهما بموعود الوعد الصادق في قوله {لِتُبَينَ لِلنًاسِ مَا نُزَلَ إلَيْهِمْ} (٣). روى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: يَا رَسُولَ الله أرَاكَ (مُتَزَوِّجٌ) (٤) في قُرَيْشٍ وَتَدَعنَا؟ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: (وَعِنْدُكُمْ شْيٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: إنَّهَا بِنْتُ أَخِي مِنَ الرضَاعَةِ لاَ تَحِلُّ لِي) (٥). وَرَوَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: قلت: يَا رَسُولَ الله هَلْ لَكَ في أَنْ تَنْكِحَ أُخْتِي بِنْتَ أَبى سُفُيَانَ؟ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: (أَوَتُحِبِّين ذَلِكَ؟ قُلْتُ: أَنىِّ لَسْتُ لَكَ بمُخْلِيَةٍ وَأُحِبُّ مَنْ يُشْرِكُنِي في خَيْرٍ أخْتِي، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّهَا لَا تَحِل لِي. قُلْتُ: فَقَدْ حُدِّثْنَا أَنَّكَ تُرِيدُ أنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَة، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إنَهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبيبَتي في حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا بِنْتُ أخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ؟ أرْضَعَتْنِي وَأبَا سَلَمَة ثُوَيْبَةُ (٦) فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أخَوَاتِكُنَّ. وكَانَتْ ثُويبَةُ جَارِيَةً لِأبِي لَهَبٍ أرْضَعَتْ


(١) مضروب عليها في (م) وهي في بقية النسخ.
(٢) سورة النساء آية ٢٣.
(٣) سور النحل آية ٤٤.
(٤) في بقية النسخ تنوق، وكذلك رواية مسلم وهو الصحيح.
(٥) البخاري في النكاح باب "وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} ٧/ ١٢، مسلم في كتاب الرضاع باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة ٢/ ١٠٧١ كلاهما من حديث ابن عباس.
(٦) ثويبة، مولاة أبي لهب، يقال أسلمت وقد أرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم -. تجريد أسماء الصحابة ٢/ ٢٥٣، الإصابة ٤/ ٢٥٧.

<<  <   >  >>