للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالصليب من الذهب والفضة والطنبور (١) إذ لم يكن فيهما منفعًة شرعًا سقط ضمانهما حكمًا فأما إذا اتخذه حليًا فباعه بذهب يزيد على وزنه يكون في مقابلة الصياغة فإن ذلك حرامٌ بإجماع من الأمة مبني على القاعدة التي مهدناها من أن الصفقة إذا ضمت مالي ربًا ومعهما أومع أحدهما ما يخالف في القيمة سواء كان من جنسه أو من غير جنسه فإن ذلك لا يجوز.

أمّا إن مالكًا خفف أن يأتي الرجل بالنقرة زنتها مائة درهم إلى دار السكة فيعطيها ومعها خمسة دراهمَ قيمة ضربها ويأخذ في الحال مائةً (٢) مضروبة فيكون في الصورة قد باع مائة وخمسة بمائةٍ وهذا محض الربا والذي أوجب جواز ذلك أنه لو قال له أضرب لي هذه وقاطعه على ذلك باجرةٍ فلما ضربها قبضها منه وأعطاه أجرته فالذي جعل مالك أولًا هو الذي يكون آخرًا ومالك إنما نظر إلى المال فركب عليه حكم الحال وأباه سائر الفقهاء والحجة فيه لمالكٍ بينهٌ كما قدمنا. وفي هذه الأبواب بيع المكيل والموزون والمعدود جزافًا فأما المكيل والموزون من الطعام فلا خلاف بين العلماءِ في جوازه جزافًا لأن الحزر فيه طريق إلى العلم به في الغالب والغرر فيه قليل ولا يقابله من الجهة الأخرى مال ربًا فجازوا الأصل في ذلك جواز بيع الثمار على رؤوس الأشجار. فأما الذهب والفضة فالأشهر فيه عند العلماء جوازه إلاَّ أن يجري عدداً فإن مالكًا كره بيع المعدود جزافًا وينبني على قاعدة الغرر وينبني الغرر ههنا على المقاصد وذلك بأن المقصود رد الدراهم من الموزون إلى المعدود وجاز ذلك شرعًا فلما صار معدودًا شرعًا وعادةً كان غررًا بيعه جزافًا إذ لا يتحصل ذلك والله أعلم.

باب الصرف (٣)

هذه كلمة لم تأت بهذا إلينا في كتاب الله ولا جاءت على لسان رسوله أما أنها عربية فصيحة جاء لفظ الفعل منها في حديث طلبة قال فيه "فتراوضنا حتى اصطرف (٤) مني (٥) ". والصرف في لسان العرب بيع النقدين بعضهما ببعض. قال علماؤنا وقد غلط أبو


(١) آلة للطرب مختار القاموس ص ٣٩٠ وانظر ترتيب القاموس ٣/ ١٠١.
(٢) في م زيادة مائة درهم.
(٣) الموطأ ٢/ ٦٣٦.
(٤) تراوضنا أي تجارينا حديث البيع والشراء وهو ما بين المتبايعين من الزيادة والنقصان كأن كل واحد منهما يروض صاحبه. شرح الزرقاني ٣/ ٢٨٢.
(٥) الموطأ ٢/ ٦٣٦ مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري إنه التمس صرفًا بمائة دينار قال =

<<  <   >  >>