للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثعلب (١) فقال (ش): هما حلالان، وقال (ح): هما حرام، وكذلك قال ابن الجلاب (٢) من علمائنا، وقال غيرهم: ذلك مكروه، وروى الدارقطني عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال "الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهَا إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرَمُ كَبشٌ" (٣) وعموم قوله، - صلى الله عليه وسلم -: "أَكْلُ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبَاعِ حَرَامٌ" (٤) أولى بالمحافظة عليه من الحديث الذي لم يصح.

[ما يكره من الدواب]

اختلف العلماء في الخيل والبِغال والحمير فقال مالك، رضي الله عنه: أنها مكروهة (٥)، وقال (ش): أكل الخيل حلال (٦)، وقال جابر: (ذَبَحْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ


(١) قال ابن هبيرة: قال أبو حنيفة: لا يحل أكلهما، وقال مالك والشافعي: هما مباحان، وقال أحمد: الضبع مباح، وفي الثعلب روايتان. الإفصاح عن معاني الصحاح ٢/ ٣١٣.
(٢) هو عبيد الله بن الحسن أبو القاسم بن الجلاب ويقال ابن الحسن، تفقَّه بالأبهري وغيره وله كتاب في مسائل الخلاف. توفي سنة ٣٧٨ هـ، الديباج ١/ ٤٦١، شجرة النور ١/ ٩٢.
(٣) سنن الدارقطني ٢/ ٢٤٥، وأبو داود ٤/ ١٥٨ - ١٥٩، والترمذي ٤/ ٢٥٢ وقال: حسن صحيح، وابن ماجه ٢/ ١٠٧٨، والنسائي ٧/ ٢٠٠، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٥٢ وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرِّجاه، وسكت عنه الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى ٥/ ١٨٣، وابن حبان. انظر موارد الظمآن ص ٢٤٣، والطحاوي في مشكل الآثار ٤/ ٣٧١، والدارمي ٢/ ٧٤، والمنتقى لابن الجارود ص ١٥٥، وأحمد في المسند ٣/ ٨.
درجة الحديث: صححه الترمذي ونقل ذلك في علله الكبير عن البخاري. انظر نصب الراية ٣/ ١٣٤، وقال الحافظ: وأعلَّه ابن عبد البر بعبد الرحمن بن أبي عمّار فوهم لأنه ثقة، وثّقه أبو زرعة والنسائي ولم يتكلم فيه أحد ثم أنه لم ينفرد به. تلخيص الحبير ٤/ ١٥٢.
(٤) تقدم
(٥) قال الشارح في الأحكام ٣/ ١١٤٤: قال ابن القاسم وابن وهب: قال مالك: قال الله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} فجعلها للركوب والزينة ولم يجعلها للأكل ونحوه .. وأجاب عن حديث جابر بقوله: قال علماؤنا: كانت هذه الرواية عن جابر حكايته حال وقضية عين فيحتمل أن يكونوا ذبحوا للضرورة ولا يحتج بقضايا الأحوال المحتملة .. وقال القرطبي في المفهم مذهب مالك كراهة الخيل ضعيف إلا أن تحمل على التحريم شرح الزرقاني ٣/ ٩١، ونقل الحافظ عن ابن أبي جمرة قوله الدليل في الجواز مطلقاً واضح لكن سبب كراهة مالك لأكلها لكونها تستعمل غالباً في الجهاد، فلو انتفت الكراهة لكثر استعماله ولو كثر لأدى إلى قتلها فيفضي إلى فنائها فيؤول إلى النقص من إرهاب العدو الذي وقع الأمر به في قوله تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}. قال الحافظ تعليقاً على كلام ابن أبي جمرة، قلت: فعلى هذا فالكراهة لسبب خارج وليس البحث فيه؛ فإن الحيوان المتفق على إباحته لو حدث أمر يقتضي أن لو ذبح لأفضى إلى ارتكاب محذور لامتنع ولا يلزم من ذلك القول بتحريمه. فتح الباري ٩/ ٦٥٠.
(٦) انظر شرح السنة ١١/ ٢٥٥، ومختصر تفسير ابن كثير ٢/ ٣٢٤.

<<  <   >  >>