للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"هو عليهِ صَدقة فقال رسول الله: (فهلا قبل أن تأتيني به) " (١). فإن قيلَ: هذا الحديث لا حجة فيه، فإنه مضطرب لأنه روي أنه نام في المسجد فتوسد رداءه، وروى أبو داود والنسائي أنه توسدَ خميصة قيمتُها ثلاثون درهماً، فجاء رجل فاختلسها، فأخذ الرجل فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر به ليقطع، قال صفوان: فقلت: أتقطعه من أجلِ الثلاثين درهماً، أنا أبيعه وانسئه بثمنها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهلا قبل أن تأتيني (٢) به وروى النسائي أن ذلك كانَ بمكة. فقال إنه طاف بالبيت ثم أخذ رداءه فتوسد ونام (٣). الحديث. قلنا: الحديث صحيح (٤) وهذا الاضطراب الذي فيه لا يسقط الحجة منه لأنه لم يرد الاضطراب في موضح الدليل وهو أن الملك لا يسقط الحجة منه.

المعقد السادس: كل مالٍ يباع ويبتاع وتمتد إليه الأطماع تتعلقُ به السرقة. وأسقط أبوحنيفة السرقة في مسألتين من ذلك: إحداهما: قال: لا قطع فيما كان أصله على الإباحة لشبهة الشركة المتقدمة فيه وهذا ضعيف، فإن ما تقدم من الشركة لا ينتصب شبهة في حدِ السرقة، أصله خلُوص الملك في الجارية المشتركة لأحد الشركاء لا يسقط باتفاقٍ حد الزنا عمن وطئها ممن خرجَ عن حصته فيها. الثانية: قال أبو حنيفة: ما يسارعُ إليهِ


(١) رواه مالك في الموطأ ٢/ ٨٣٤ عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية قيل له إنه من لم يهاجر هلك فقدم صفوان بن أمية المدينة فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق فاخذ رداءه فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرقت رداء هذا قال نعم فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أن تقطع يده فقال له صفوان إني لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهلا قبل أن تأتيني به قال ابن عبد البر هكذا رواه جمهور أصحاب مالك مرسلاً شرح الزرقاني ٤/ ١٥٨ وهذا المرسل رجاله ثقات وقد وصله النسائي ٨/ ٦٨ و ٦٩ وابن ماجه (٢٥٩٥).
(٢) أبو داود (٤٣٩٤) والنسائي ٨/ ٦٩ كلاهما من طريق سماك بن حرب عن حميد ابن أخت صفوان عن صفوان ابن أمية ورواه الحاكم في المستدرك ٤/ ٣٨٠ بسند أبي داود ولفظه.
(٣) النسائي من طريق عبد الملك بن أبي بشير قال حدثني عكرمة عن صفوان ابن أمية أنه طاف بالبيت وصلى ثم لف رداء له من برد فوضعه تحت رأسه فنام فأتاه لص فاستله من تحت رأسه فأخذه فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن هذا سرق ردائي .. النسائي ٨/ ٦٩.
قال الزيلعي وأما طريق عبد الملك بن أبي بشير فالظاهر أنها منقطعة فإنها من رواية عبد الملك عن عكرمة عن صفوان بن أمية وعكرمة لا أعرف أنه سمع من صفوان وإنما يرويه عن ابن عباس ومن دون عبد الملك إلى النسائي ثقات وعبد الملك وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو زرعة ويحيى القطان وقال سفيان كان شيخًا صدوقاً نصب الراية ٤/ ٣٦٩.
(٤) نقل الزيلعي تصحيحه عن صاحب التنقح فقد قال حديث صفوان حديث صحيح.

<<  <   >  >>