للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القول في الأشربة]

اتفق العلماء على حِلِّ الأشربة بأجمعها إلا ما كان مسكراً أو كان في شربه ضرر. حرّم الله تعالى الخمر في محكم كتابه، وروى مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "سُئِلَ أَيُتَدَاوَى بِالْخَمْرِ قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَاءٌ" (١)، واختلف في الخمر هل تطلق على كل شراب مسكر أو مختص بما يعصر من العنب (٢) وحده؟؟ وإِني لأعجب ممن قال ذلك من الفقهاء (٣)، ومن سلك من علماء من مضى مع أن الصحابة، رضي الله عنهم، لما حرِّمت عليهم الخمر أراقوها وكسروا دنانها .. وبادروا إلى امتثال الأمر فيها مع انهم لم يكن عندهم بالمدينة عصير عنب وإنما كان جميعه نبيذ تمر، وقد روى المصنفون عن النعمان بن بشير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ مِنَ الْعِنَبِ خَمْراً، وَإِنَّ مِنَ الزَّبِيبِ خَمْراً، وَإِنَّ مِنَ البُرِّ خَمْراً، وَإِنَّ مِنَ الشَّعِيرِ خَمْراً، وَإِنَّ مِنَ العَسَلِ خَمْراً، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ" (٤). وفي


(١) مسلم في كتاب الأشربة باب تحريم التداوي بالخمر ٣/ ١٥٧٣ من حديث علقمة ابن وائل عن أبيه وائل الحضرمي أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن الخمر فنهاه.
(٢) في (ك) و (م) الزبيب.
(٣) هذا مذهب أهل العراق أبو حنيفة وغيره، قالوا: المحرم من سائر الأنبذة المسكرة هو السُّكْر نفسه لا العين، بداية المجتهد ١/ ٣٧١، وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام ١٠/ ٨٨، وأحكام القرآن للجصاص ٢/ ١٨٥ وقد بالغ في الانتصار لمذهبه جداً كما بالغ الشارح في الأحكام ٣/ ١١٥٣ في الرد على الأحناف.
(٤) أبو داود ٤/ ٨٣، والترمذي ٤/ ٢٩٧ وقال: غريب، وابن ماجه ٢/ ١١٢١، وأحمد في المسند ٤/ ٢٦٧، وفي مسنده: إبراهيم بن المهاجر البجلي الكوفي صدوق لين الحديث من الخامسة/ م ع. ت ١/ ٤٤، وقال في ت ت: قال أحمد: لا بأس به، وقال يحيى القطان: لم يكون بالقوي، وقال العجلي: جائز الحديث، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث، وقال ابن عدي: حديثه يكتب، ووثقه ابن سعد، وقال الدارقطني: ضعفوه، وقال الساجي: صدوق. ت ت ١/ ١٦٧، الكامل ١/ ٢١٦، المجروحين ١/ ٢٢.
أقول: الحديث له شواهد يتقوى بها منها حديث ابن عمر عند الشيخين البخاري ٧/ ١٣٧ ومسلم ٤/ ٢٣٢٢، قال: نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل والخمر ما خامر العقل.
درجة الحديث: حسن بشواهده.

<<  <   >  >>