للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها (١)، فلم يكن ذلك طلاقاً لها وبقي سائر العموم على مطلقه، ولا خلاف بين الأمة أن العبد والأمة ليسا بمحصنين إحصان الكمال الذي تتعلق به الحدود لقوله تعالى {فَإذا أُحْصِن فَإنْ أتَيْنَ بِفَاحِشَه فَعَلَيْهِن نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (٢) يعني تزوجهن، وهو أحد موارد الإحصان ونقص العبيد إحصان الحرية.

[نكاح المتعة]

من أغرب ما ورد في الشريعة، فإنه نُسِخَ مرتين. كان مباحاً في صدر الإِسلام ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -، عنه يوم خيبر (٣)، ثم أباحه في غزوة حنين (٤)، ثم حرَّمه بعد ذلك بين ذلك


(١) متفق عليه، البخاري في كتاب الطلاق باب لا يكون بيع الأَمة طلاقاً ٧/ ٦١، ومسلم في كتاب العتق باب إنما الولاء لمن أعتق ٢/ ١١٤١، والموطأ ٢/ ٥٦٢ كلهم عن عائشة ولفظ مسلم: عَنْ عُرْوَةَ أن عَائشةَ أخْبَرتْهُ أنَّ بَرِيرَةَ جَاءتْ عَائشةَ تَسْتَعِينُهَا في كِتَابَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شيْئاً فَقَالَتْ لَهَا عَائشةٌ: إرْجعِي إلَى أهْلِكِ فَإنْ أحَبُّوا أنْ أقْضِي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُون وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْت فَذَكَرَتْ ذلِكَ بَريرَةُ لأِهْلِهَا فَأبَوْا ... فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أعْتَقَ".
(٢) سورة النساء آية ٢٥.
(٣) روى الشيخان من حديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (نَهَى عَنْ مُتعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خيْبَرٍ وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الأنْسِيَّةِ)، البخاري في كتاب المغازي باب غزوة خيبر ٤/ ١٧٣، ومسلم في النكاح باب نكاح المتعة ٢/ ١٠٢٧، والموطأ ٢/ ٥٤٢، وقال الزرقاني: اتفق مالك وسائر أصحاب الزهري على (قولهم) يوم خيبر. إلا ما رواه عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن القطان عن مالك في هذا الحديث فقال حنين .. أخرجه النسائي ٦/ ١٢٦، والدارقطني وقال: إنه وَهْمٌ تفرد به ابن القطان، شرح الزرقاني ٣/ ١٥٣، وانظر فتح الباري ٩/ ١٦٨ فقد نقل ذلك منه.
(٤) اختلف في وقت التحريم؛ قال السهيلي: وقد اختُلف في وقت تحريم نكاح المتعة فأغرب ما روي في ذلك رواية من قال في غزوة تبوك ثم رواية الحسن أن ذلك كان في عمرة القضاء، والمشهور في تحريمها أن ذلك كان في غزوة الفتح، كأما أخرجه مسلم من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه. وفي رواية عن الربيع، أخرجها أبو داود، أنه كان في حجة الوداع قال: ومن قال من الرواة كان في غزوة أوطاس فهو موافق لمن قال عام الفتح. قال الحافظ بعد نقله الكلام السابق: فتحصّل مما أشار إليه ستة مواطن خيبر ثم عمرة القضاء ثم الفتح ثم أوطاس ثم تبوك ثم حجة الوداع وبقي عليه حنين لأنها وقعت في رواية قد نبهت عليها. فيما أن يكون ذهل عنها أوتركها عمداً لخطا رواتها، أولكون غزوة أوطاس وحنين واحد .. وقد ناقش، رحمه الله، كل هذه الروايات وقال: لا يصح من الروايات شيء من غير علة إلا غزوة الفتح ... وقال أيضاً: وأما حجة الوداع فهو اختلاف على الربيع ابن سبرة والرواية عنه بأنها في الفتح أصحُّ وأشهر ... وقال: وقد اختلف عليه (أي على الربيع) في تعيينها، والحديث واحد في قصة واحدة فتعين الترجيح، والطريق التي أخرجها مسلم مصرحة بأنها في زمن الفتح أرجح فتعين المصيبر إليها. فتح الباري ٩/ ١٦٩ - ١٧١.

<<  <   >  >>