للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدمشق نازلة وهي أن رجلاً أبكم كان يصلي فكلَّمه رجل في شيء فأشار إليه بجوابه فاختلف الناس هل تبطل صلاة الأبكم بتلك الإشارة أم لا تبطل، فقال شيخنا أبو الفتح (١): لا تبطل لأن الإشارة في الصلاة لا تبطلها إجماعاً، وقيل شيخنا أبو حامد (٢): تبطل صلاته لأن إشارته كلامه والكلام محرَّم على الأبكم في الصلاة على قدره.

[القول في الغنيمة]

هي خصيصة أمتنَّ الله تعالي بها على هذه الأمة كما تقدم، وحكم فيها بحكمه وبيَّنها بكلامه فقال تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} (٣) إلى قوله {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ} وهذه الآية من أمهات آيات الأحكام، وقد اضطرب فيها علماء الإِسلام وبعد فيها نيل المرام، وقد أوضحناها على غاية القدرة في كتاب أحكام القرآن (٤) وأصعب فصولها مسائل الخمس ولصعوبته جعله العلماء كتاباً منفرداً، فإن الله تعالى قال فيه قولاً، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، قولاً آخر وفعل فيه فعلاً آخر فاضطربت المسألة على بعض العلماء واتسقت لبعضهم، فقال أبو العالية (٥): يقسم الخمس على ستة أقسام. قال (ش) يقسم الخمس على خمسة (٦) أقسام للنبي - صلى الله عليه وسلم -، منها خمس الخمس، وقالت طائفة للنبي - صلى الله عليه وسلم -. سهم الصفيّ من الخمس، وقيل: من رأس المال يصطفي جارية أو عبداً أو سيفاً أو فرساً أو ما شاء ثم تقع القسمة (٧)، وقالت طائفة: قوله: فإن لله استفتاح كلام الأرض كلها


(١) هو نصر بن إِبراهيم تقدم.
(٢) هو محمَّد بن محمَّد بن محمَّد الغزالي الطوسي، أبو حامد، حجة الإِسلام، فيلسوف، مولد ووفاته في طبرستان قصبة طوس بخراسان، رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر وعاد إلى بلده، ولد سنة ٤٥٠ ومات سنة ٥٠٥ هـ. الأعلام ٧/ ٢٢، وفيات الأعيان ١/ ٤٦٣، طبقات الشافعية ٤/ ١٠١، شذرات الذهب ٤/ ١٠، مفتاح السعادة ٢/ ١٩١ - ٢١٠، تبيين كذب المفتري ص ٢٩١ - ٣٠٦.
(٣) سورة الأنفال آية ٤١.
(٤) انظر أحكام القرآن ٢/ ٨٤٤.
(٥) رفيع بالتصغير ابن مهران وقوله هذا نقله البغوي في شرح السنة ١١/ ١٣٩، والحافظ في الفتح ٦/ ٢١٨، والقرطبي ٨/ ١٠، والأحكام للشارح ٢/ ٨٤٤.
(٦) أنظر فتح الباري ٦/ ٢١٦، وبداية المجتهد ١/ ٢٨٤، وتفسير القرطبي ٨/ ١٠.
(٧) هذا القول حكاه ابن رشد ولم يعزه لأحد وقال: وأجمعوا على أن الصفي ليس لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أبا ثور فإنه قال: يجري مجرى سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، بداية المجتهد ١/ ٢٨٦.

<<  <   >  >>