للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسموات لله (١)، وقال علماؤنا، رضي الله عنهم: الخمس موكول إلى رأي الإِمام يفعل فيه ما يراه أصلح للمسلمين وأنفع في الدين (٢) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَالِي مِمَّا أَفَاءَ الله عَلَيْكُم إلاَّ الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ" (٣)، ولم يقل خمس الخمس. وقيل: يجوز أن يعطي الإِمام للغانمين من الخمس على طريق النفل، وهو جمهور المذهب، أن النفل من الخمس. وقالت طائفة من العلماء: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، "أَنَّهُ كَانَ يَنْفُلُ مِنَ الْخُمُسِ وَالرُّبُعِ بَعْدَ الْخُمُسِ في الْبَدْأَةِ وَالرَّجْعَةِ" (٤)، وهذه كلها أحاديث صحيحة طريق النظر فيها على الاختصار أنا لو تركنا والآية لقسمنا الخمس على خمسة أقسام، كما فعله الشافعي، رضي الله عنه، حسب ما يقتضيه ظاهر القرآن، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما صرفه على خلاف ظاهر القرآن علمنا أن الله تعالى قد جعل إليه الحكم فيه؛ فإن رأى أن يجعله فيمن سمى الله تعالى فعل فإنه بيان لبعض محله، وإن شاء أن يصرفه إلى غير ذلك من المصالح


(١) حكاه ابن رشد ولم يعزه لأحد. بداية المجتهد ١/ ٢٨٥.
(٢) هذا القول حكاه القرطبي وعزاه لمالك وقال: وبه قال الخلفاء الأربعة وبه عملوا تفسير القرطبي ٨/ ١١.
(٣) ورد من حديث عمرو بن عنبسة قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إِلَى بَعِيرٍ مِنَ الْمَغْنَمِ فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ بَعِيرٍ ثُمَّ قَالَ .. أبو داود ٣/ ١٨٨، والبيهقي في السنن الكبرى ٦/ ٣٣٩، والحاكم في المستدرك ٣/ ٦١٦.
درجة الحديث: صححه ناصر في إرواء الغليل ٥/ ٧٣، وعبد القادر الأرناؤوطي في تعليقه على جامع الأصول ٢/ ٦٩٠، ورواه مالك مرسلاً عَنْ عَبْدِ الْرَّحْمنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْروٍ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، حِينَ صَدَرَ مِنْ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْجِعِرانَةَ سَأَلَهُ النَّاسُ حَتَّى دَنَتْ بِهِ نَاقَتُهُ مِنْ شَجَرَةٍ فَتَشَبَّكَتْ برِدَائِهِ ... إلى أن قال: مَالِي مِمَّا أفَاءَ الله عَلَيْكُم وَلاَ مِثْلُ هذِه إِلاَّ الْخُمُس وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ. الموطأ ٢/ ٤٥٨.
قال ابن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرساله. شرح الزرقاني ٣/ ٢٨، وقد وصله النسائي من طريق حماد بن سلمة عن محمَّد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. النسائي ٧/ ١٣١، والبيهقي ٦/ ٣٣٦.
درجة الحديث: حسَّنه الشيخ ناصر في إرواء الغليل ٥/ ٧٤ وهو كذلك لأن ابن إسحاق صرّح بالتحديث في رواية البيهقي، كما أن للحديث شاهداً آخر عند النسائي من حديث عبادة بن الصامت. النسائي ٧/ ١٣١، وحديث عبادة بن الصامت حسنه الحافظ في الفتح ٦/ ٢٤١، وكذلك حسنه الشيخ ناصر في إرواء الغليل ٥/ ٧٤.
(٤) أبو داود ٣/ ١٨١ من طريق مكحول عن زياد بن جارية التميمي عن حبيب بن مسلمة الفهري أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ينفل الثلث بعد الخمس، وفي رواية أخرى عن مكحول عن ابن جارية عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان ينفل الربع بعد الخمس والثلث بعد الخمس إذا قفل، وفي رواية ثالثة الربع في البدأة والثلث في الرجعة. ورواه ابن ماجه ٢/ ٩٥١.
درجة الحديث. صحَّحه الشارح وعبد القادر الأرناؤوطي في تعليقه على جامع الأصول ٢/ ٦٧٩.

<<  <   >  >>