للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صرفه؛ فقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم -، منه للمؤلفة قلوبهم وليس لهم في الآية (١) ذكر مع وجود الفقراء والمساكين واليتامى الذين نص الله عليهم، وقد قال بعض علمائنا وهو سحنون: إن النفل يجوز بعد الخمس بالثلث والربع (٢)، حسب ما ثبت في الحديث الصحيح فيكون هذا أيضاً اعتماداً في الأربعة الأخماس على ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس يريد تفريق النفل العمل بالاستواء فيه بين أهل الجيش لأنه لو كان كذلك لكانت قسمته، وإنما يريد تفضيل بعضهم علي بعض وهذا معنى حديث ينفل الثلث والربع بعد الخمس وأما حديث ابن عمر (وَنُفَّلْنَا بَعِيراً بَعِيراً) (٣) فهو من الخمس جرت لهم سهامهم بأحد عشر بعيراً ونفلوا من الخمس بعيراً بعيراً وهذا يدل على أن الإِمام إن رأى أن ينفِّل من الخمس فعل، وإن رأى أن ينفَّل من الأربعة الأخماس بعض المستحقين فعل، يقصد بذلك أهل الغناء والمصلحة، فأما الأربعة أخماس فهي للغانمين وهم الذين يؤمنون كما قدمنا وأما الأجراء (٤)


(١) قال في الأحكام: وأعطى منه المؤلفة قلوبهم وليسوا ممن ذكر الله في التقسيم، وردَّ على المجاهدين بأعيانهم تارة أخرى فدل على أنَّ ذكر هذه الأقسام بيان مصرف ومحل لا بيان اسحقاق وملك، وهذا ما لا جواب عنه لمصنف. أحكام القرآن للشارح ٢/ ٨٤٨.
(٢) انظر المنتقى للباجي ٣/ ١٩٥.
(٣) مالك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - "بَعَثَ سرِيَّةٌ فِيهَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيراً وَنُفَّلُوا بَعِيراً بَعِيراً" الموطأ ٢/ ٤٥٠.
قال ابن عبد البر: اتفق رواة الموطأ على روايته بالشك إلا الوليد بن مسلم فرواه عن شعيب ومالك جميعاً فقال: اثني عشر، فلم يشكّ وكأنه حمل رواية مالك عن رواية شعيب وهو منه غلط، وكذا أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث، بغير شك، فكأنه حمل رواية مالك على رواية الليث، والقعنبي إنما رواه في الموطأ على الشك فلا أدري من القعنبي جاء هذا حين خلط حديث الليث بحديث مالك أم من أبي داود، وقال سائر أصحاب نافع: اثني عشر بعيراً بلا شك، لم يقع الشك فيه إلا من قبل مالك. شرح الزرقاني ٣/ ١٥، ناقلاً عن ابن عبد البر وابن حجر، وبقية كلام الحافظ قوله: هكذا رواه مالك بالشك والاختصار وإبهام الذين نقلهم، وقد وقع بيان ذلك في رواية ابن إسحاق عن نافع ولفظه: خَرَجْنَا فِيهَا فَأصَبْنَا نِعَماً كَثِيراً وَأَعْطَانَا أَمِيرُنَا بَعِيراً بَعِيراً لِكُلَّ إنْسَانٍ، ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَسَمَ بَيْنَنَا غَنِيمَتَنَا فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مِنّا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً بَعْدَ الْخُمُسِ. وأخرجه أبو داود أيضاً من طريق شعيب ابن أبي حمزة عن نافع ... أنظر سنن أبي داود ٣/ ١٧٧ وقال: وأخرجه ابن عبد البر من هذا الوجه وقال في روايته إن ذلك الجيش كان أربعة آلاف. فتح الباري ٦/ ٢٣٩.
والحديث متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب الخمس باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ٤/ ١٠٩، ومسلم في الجهد والسير باب الأنفال ٣/ ٨٠٦٨، والبغوي في شرح السنة ١١/ ١١١.
(٤) قال مالك: إن كان شهد القتال وكان مع الناس عند القتال وكان حراً فله سهمه وإن لم يفعل ذلك فلا سهم =

<<  <   >  >>