للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب التشهد في الصلاة]

ذكر مالك، رضي الله عنه، في هذا الباب تشهُّد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه (١). ورجَّحه على تشهُّد ابن عباس، وعلى تشهُّد عبد الله بن مسعود لأن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان يعلّمه الناس على المنبر ويعلّمه بين ظهراني المسلمين، وهم الصحابة الذين منهم ابن عباس وعبد الله الراويان للتشهدين الأخيرين ولم يسمع من أحد نكيراً فصار ذلك إجماعاً على الترجيح.

قوله: "التَّحِيَّاتُ لله" تفسير يعني الملك وهي السلام وهي البقاء والكل لله، أما البقاء فهو صفة واجبة، وأما الملك فهو بيده يصرفه كيف يشاء، وأما السلام فهو له شرع ودين فإن جعل لغيره فذلك خلاف للشرع، وما كان من قبيل المشروعات فهو لله سبحانه أمره ورضاه، وما وقع على طريق الشرع فهو لله تعالى تقديراً وقضاء فلا يخرج شيء عنه بل الكل له وإليه. والمراد بالتحية ههنا من جملة أقسامها السلام لأنه موضعه وسببه على ما تقدم في حديث عبد الله بن مسعود. "وأما الزَّاكِيَاتُ" فالمراد به كل عمل نام يضاعف عليه الأجر وينمّى فيه الثواب، وكل عمل أيضاً ممحوق فهو لله تعالى بتقدير وخلق، إلا أنه تعالى إذا أضاف الشيء إليه أو ربطه به على طريق الاختصاص كان ذلك تشريفاً له على ما


(١) الموطّأ ١/ ٩٠ من طريق عبد الرحمن بن عبد القاري أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول التحيات لله ..
رواه الحاكم في المستدرك من طريق مالك ١/ ٢٦٥ - ٢٦٦، وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي في السنن الكبرى ٢/ ١٤٤، والشافعي في الرسالة ص ٢٦٨، ونقل الزرقاني عن ابن عبد البر قوله: ما أورده مالك عمر وابنه وعائشة حكمه الرفع لأن من المعلوم أنه لا يقال بالرأي، ولو كان رأياً لم يكن ذلك القول من الذكر أولى من غيره من سائر الأذكار فلم يبقَ إلا أن يكون توقيفاً، وقد رفعه غير مالك عن عمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. شرح الزرقاني ١/ ١٨٦ وقال أيضاً: رواه ابن مردويه في كتاب التشهد له مرفوعاً. الزرقاني ١/ ١٨٧، وأورده الزيلعي في نصب الراية ١/ ٤٤٢ وقال: هذا إسناد صحيح، ونقل عبد الله ابن صديق في مسالك الدلالة عن الدارقطني في العلل قوله: لم يختلفوا في أن هذا الحديث موقوف، ورواه بعض المتأخرين عن ابن أويس عن مالك مرفوعاً وهو وهم. مسالك الدلالة على متن الرسالة ٤٨.
درجة الحديث: صحّحه الحاكم والذهبي والزيلعي.

<<  <   >  >>