للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} فجمع الله سبحانه في هذه الآية أسباب الوضوء كلها، وقد بيَّنا ذلك في كتاب "أحكام القرآن" مستوفى (١)، فما خرج عنها فليس من أسباب الوضوء، ولأجل هذا لما ذكر مالك، رضي الله عنه، الآية في هذا الباب أعقبها بقوله لا يتوضأ من رعاف ولا من دم ولا من قيح إلى قوله أو نوم (٢).

واختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال. فمنهم من راعى الخارج من أي مخرج كان، وبه قال (٣): (ح) وراعى (ش) الخارج المعتاد من أي مخرج كان (٤)، ووفق الله مالكاً فراعى الخارج المعتاد من المخرج المعتاد، وعنه رواية أنه ينقض الوضوء بالخارج النادر من الخارج المعتاد (٥)، والصحيح اعتبار الخارج والمخرج المعتادين وعلى ذلك تدل الآية لا أنها خارجة عن العادة فتحمل عليها.

[الطهور للوضوء]

هذه الترجمة تحتمل أربعة أوجه:

أحدها: أن تكون الطاء من الطهور والواو من الوضوء مرفوعين.

والثاني: أن يكونا منصوبين.

والثالث: أن تكون الطاء مرفوعة، والواو منصوبة.

والرابع: بعكسه وهو حرف لم تضبطه الرواة إما عن جهالة وإما عن غفلة لمن كان يتقن، وقد اختلف أرباب اللغة في معناهما على هذا الضبط اختلافاً كثيراً والأشهر، والذي استقام على الأمثلة واستمر، أن يكون الفعول بضم الفاء للفعل وبفتحها للمفعول به وهي الآلة، فالطهور والوضوء بفتح الطاء والواو للماء وبضمهما للفعل، فعلى هذا يكون مساق


(١) أنظر أحكام القرآن: ٢/ ٥٦٣.
(٢) الموطّأ: ١/ ٢٢ قال مالك: الأمر عندنا أنه لا يتوضأ من رعاف ولا من دم ولا من قيح يسيل من الجسد، ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من ذكر أبو دبر أو نوم.
(٣) انظر فتح القدير: ١/ ٢٥، والبناية في شرح الهداية: ١/ ١٩٤.
(٤) انظر المجموع: ٢/ ٤.
(٥) قال الباجي: أما غير المعتاد كالحصى والدم والدود فإن المشهور عن مالك وأصحابه أنه لا يجب به وضوء، وقال محمَّد بن عبد الحكم يجب به الوضوء. المنتقى: ١/ ٥٤.

<<  <   >  >>