للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه هذه الإشإرات كلها إنما هي مغلقة من اختلاف العلماء وخصوصاً أهل العراق في وقت بيع الثمرة في الشجر وفي وقت بيع الحب في سنبله وليس في الآية متعلق لشيء منه وإنما هي والله أعلم مسوقة لبيان السبب الذي يخلق الله عَزَّ وَجَلَّ عنده الثمار والحبوب وهو الريح إذا اتصل بالخامة أو الشجرة كما يخلق الحرق عند اتصال النار بالجسم والشبع والري عند اتصال الخبز والماء بالمعدة وقد روينا عن ابن عباس أنه قال الرياح أربعة منشأة وهي التي يخلق الله عندها الماء في السحاب وريح فامة وهي التي تمسح وجه الأرض فتفت فتاً وريح ملقحة وهي التي يخلق الله عندها الماء من السحاب فإن لم يكن عندها ذلك فهي العقيم وريح فاتقة وهي التي يرسلها الله فتفتق السحاب وتعصر منها الماء فقوله عز وجل: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} إخبار عن بعض وجوهها وفي القرآن يقيتها (١).

[سورة النحل]

قوله: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (٢): قال المخزومي سمعت مالكاً يقول في قوله: {وَعَلَامَاتٍ} قال يقولون بالنجوم وهي الجبال قال القاضي أبو بكر بن العربي اختلف الناس في قوله تعالى {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} فقيل أراد بقوله {وَعَلَامَاتٍ} الجبال منهم ابن عباس (٣) وقال آخرون أراد بذلك النجوم الثمانية (٤) وهي الجدي والفرقدان يهتدى بها في الفيافي التي لا أعلام فيها وفي البحار عند دخول الليل


مالك قال الله تعالى {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} فلقاح القمح عندي أن يحبب ويسنبل ولا أدرى ما ييبس من أكمامه ولكن يحبب حتى يكون لو يبس حينئذ لم يكن فسادا لا خير فيه ولقاح الشجر كلها أن يثمر الشجر ويسقط منه ما يسقط ويثبت ما يثبت وليس ذلك بأن تورد الشجر. وذكر القرطبي قول مالك السابق وتفسير ابن العربي له تفسير القرطبي ١٠/ ١٦.
(١) هذا الأثر عزاه ابن كثير لعبيد بن عمير الليثي قال يبعث الله المبشرة فتقم الأرض قمًا ثم يبعث الله المؤلفة فتؤلف السحاب ثم يبعث الله اللواقح فتلقح الشجر ثم تلا {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} مختصر ابن كثير ٢/ ٣١٠ الدر المنثور ٥/ ٧٣ القرطبى ١٠/ ١٦ فتح القدير ٣/ ١٢٨.
(٢) سورة النحل آية (١٦).
(٣) رواه ابن جرير ١٤/ ٦٣ ط دار المعرفة والسيوطي في الدر المنثور ٥/ ١١٨ والقرطبي ١٠/ ٩١ وابن كثير انظر مختصر الصابوني ٢/ ٣٢٦ وفتح القدير ٣/ ١٥٥.
(٤) في ج وك الثابتة.

<<  <   >  >>