للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها شرط يبطل العقد رأساً (١).

ومنها شرط يبطل في نفسه (٢).

ومنها شرط إن عزل عن العقد صح (٣) وإن ربط به بطل.

وقد استوفى ذلك أبو محمَّد عبد الحميد بن الصائغ (٤) السوسي، وقد كنت كتبته بخطي وقرأته وهو كتاب عظيم، لكنه شذّ عني في معرض المقادير فإن أرخى في الطول فسأمليه من حفظي إن شاء الله تعالى.

نكاح المحلل: اختلف الناس فيه فجوّزه أهل العراق ومنعه سائرهم وغلا فيه بعضهم حتى سمعت من علماء الحنفية من يقول إنه قربة لأن فيه سعة ضيق وإباحة تحريم (٥) أذن الله تعالى فيها. ورأى أهل المدينة (٦) إنها معصية موجبة للنار حتى قال بعضهم: لا يكون مسمار نار في كتاب الله تعالى. وقد كان من العلماء الماضين من يرى أن مجرد العقد كافٍ في التحليل (٧) لقول الله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٨)، وقد بينت السنة ذلك المحتمل فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقي الْعَسِيلَةَ" (٩)، فبيَّن - صلى الله عليه وسلم - اشتراط الغاية في الغاية لأنه قال: {حَتَّى تَنْكِحَ} فهذه غاية وابتداء النكاح عقد وغايته


(١) قال الباجي: الذي يؤثر في النكاح فهو ما أثر جهالة في المهر أو غير ما اقتضى العقد كالخيار ونحوه.
المنتقى ٣/ ٢٩٧.
(٢) قال سحنون: قلت لابن القاسم أرأيت إن تزوج امرأة على أن لا يتزوج عليها ولا يتسرَّى أيفسخ هذا النكاح وفيه هذا الشرط إن أدرك قبل البناء في قول مالك قال: قال مالك النكاح جائز والشرط باطل. المدونة ٢/ ١٦٠.
(٣) إن شرطت عليه أن لا يخرجها من بلدها وما أشبه ذلك فإنه مأمور به. المنتقى ٣/ ٢٩٦.
(٤) هو عبد الحميد بن محمَّد الهروي المعروف بابن الصائغ يكنى أبا محمَّد، قيرواني سكن سوسة، أدرك أبا بكر بن عبد الرحمن وأبا عمران الفاسي، له تعليق على المدونة. توفي سنة ٤٧٦، الديباج ٢/ ٢٥، شجرة النور الزكية ١/ ١١٧.
(٥) قال العيني: حكاه المرغيناني وغيره. البناية في شرح الهداية ٤/ ٦٢٥.
(٦) قال ابن عبد البر: نكاح المحلل فاسد مفسوخ .. ويفسخ قبل الدخول وبعده. الكافي ٢/ ٥٣٣.
(٧) هذا قول سعيد بن المسيب نقله عنه الباجي واعتذر عنه بقوله: لعله لم يبلغه الحديث. المنتقى ٣/ ٢٩٩.
(٨) سورة البقرة آية ٢٣٠.
(٩) متفق عليه. البخاري في اللباس باب الإزار المهذب ٧/ ١٢٣، ومسلم في النكاح باب لا تحل المطلقة ثلاثاً لمطلقها حتى تنكح زوجاً غيره ٢/ ١٠٥٥ - ١٠٥٦، والموطأ ٢/ ٥٣١، والشافعي في مسنده ٢/ ٣٧٦ كلهم عن عائشة.

<<  <   >  >>