للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأحال - صلى الله عليه وسلم -، المجتهد على ملاحظة الشرط وإن كان في حكم الله جائزاً بدليل يدل عليه مضى وإلا ارتد، فتباين العلماء، في ذلك، على وجهه بيَّناها في كتب الفقه والمسائل أشرنا إليها في شرح الصحيح (١) بما لبابه أن علماءنا قالوا: إن خالف الشرطّ مقتضى العقد فليس من كتاب الله تعالى، وإن وافقه أو لم يعترض عليه فقد أذن الله تعالى فيه؛ لأنه إذا خالف الشرط مقتضى العقد فقد تناقضا والتناقض ليس من الشريعة فركب على هذا مسألة سعيد الواقعة في الباب إذا شرطت المرأة ألا يخرج بها من بلدها (٢)، فإنَّ هذا شرط يخالف القوامة التي فضل الله تعالى بها الرجال على النساء، وحطَّت الدرجة التي أنزلهم فيها وقدَّمهم عليهن بها فقال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (٣) الآية، فعلى هذا يكون الشرط ساقطاً. ونظر ابن شهاب (٤) وغيره إلى أنه شرط استحل به الفرج فلزم (٥) الوفاء به (٦) للحديث المتقدم، واختار علماؤنا قول سعيد وحملوا الشروط الواقعة في إحلال الفرج ما تعلَّق بالنكاح من صداق ونِحلة وجهاز وشورة (٧) مما تنمى معه الحالة وتتمكن به الألفة لا فيما يناقض موضوعه ويخالف مقتضاه، وتقصى مالك، رضي الله عنه، الشروط المقترنة بالعقود في فتاويه فرآها على ثلاثة أقسام:


(١) هذا الشرح معدوم إلى الآن لم يظهر.
(٢) الموطأ ٢/ ٥٣٠ قال سعيد: يَخْرُج بِهَا إنْ شَاءَ. ورواه ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عن الحارث بن عبد الرحمن عن ابن أبي ذباب عن مسلم عن يسار عن سعيد بن المسيب. المصنف ٤/ ٢٠١ ..
والأثر فيه الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب، بضم المعجمة وبموحدتين، الدوُسي، بفتح الدال، المدني. صدوق يهم من الخامسة. مات سنة ١٤٦/ عخ مد س ق. ت ١/ ١٤٢، وقال في ت ت: روى عن أبيه وعمه، يقال: اسمه الحارث أيضًا، وسعيد بن المسيب ويزيد بن هرمز ومجاهد وبسر ابن سعيد والأعرج وجماعة. ت ت ٢/ ١٤٨، كما أن فيه مسلم بن يسار مولى الأنصار روى عن سعيد بن المسيب، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري والأفريقي، قال أحمد: لا أعرفه. الجرح والتعديل ٨/ ١٩٨ - ١٩٩، وانظر التاريخ ٧/ ٢٧٧.
درجة الأثر: حسن لغيره.
(٣) سورة النساء آية ٣٤.
(٤) هو محمد بن مسلم وقد تقدمت ترجمته.
(٥) في (م) فلم ير إلا الوفاء بالحكم.
(٦) قال الباجي: روى ابن المواز عن ابن شهاب أنه كان يوجب عليه ما التزم من الشروط في النكاح وإن لم تكن معلقة بيمين. المنتقى ٣/ ٢٩٦.
(٧) الشوار: متاع البيت. صحاح الجوهري ٢/ ٧٠٤.

<<  <   >  >>