للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{اصْبِرُوا} (١) فمعناه أحبسوا أنفسكم على الأذى في ذات الله تعالى، وعن الشهوات التي تقطع عن الله تعالى، وأما قوله: {وَصَابِرُوا} فمعناه قابلوا صبر غيركم به. قال الله تعالى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} (٢) وقال تعالى: {إنْ يَمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} (٣) وأما قوله: {وَرَابِطُوا} فمعناه إذا فعلتم ذلك التزموه فإن الأعمال إِنما هي بالمداومة ومعيارها إنما يظهر عند الخاتمة. فائدة الجهاد: نيل الفضيلة الغنيمة بتحقيق الموعد (٤). أما نيل الفضيلة فقد بدأ به مالك، رضي الله عنه، وقد روي عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وقد قيل له: يَا رَسُولَ الله، مَا بَالُ النَاسِ يُفْتَنُونَ في قبُورِهِمْ إلَّا الشُّهَدَاء؟ فَقَالَ: كَفَى بِبَارِقَةِ السّيُوفِ فِتنَةٌ (٥) خرّجه الشعبي (٦) وقال: قال رسول الله: (مَنْ قَتَلَهُ أهْل الْكِتَابِ فَلَهُ أجْرُ شَهِيدَيْنِ) (٧) وقال: (قَفْلَةٌ كَغَزْوةٍ) (٨) فجعل أجر المجاهد في رجوعه كأجره في مسيره (٩)، خرّجه الداودي (١٠) وعن


(١) سورة آل عمران آية ٢٠٠.
(٢) سورة النساء آية ١٠٤.
(٣) سورة آل عمران آية ١٤٠.
(٤) في (ك) و (ص) المواعد ولعل الصواب الوعد.
(٥) رواه النسائي ٤/ ٩٩ من طريق راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للنسائي، وصحَّحه في الجامع الصغير، انظره مع شرحه، فيض القدير ٥/ ٤، وكذلك الألباني في صحيح الجامع الصغير ٤/ ١٦٤، والروداني في جمع الفوائد ٢/ ١٢.
درجة الحديث: صحيح.
(٦) هو عامر بن شراحيل .. الشعبي الحميري، أبو عمرو راوية من التابعين يُضرب به المثل بالحفظ. ولد سنة ١٩ ومات سنة ١٠٣ بالكوفة وبها نشأ. الأعلام ٤/ ١٨. ت ت ٥/ ٦٥ الوفيات ١/ ٢٤٤، حلية الأولياء ٤/ ٣١٠، تذكرة الحفَّاظ للذهبي ١/ ٧٩، تهذيب تاريخ ابن عساكر ٧/ ١٣٨، تاريخ بغداد ١٢/ ٢٢٧.
(٧) لم أطَّلع عليه.
(٨) أبو داود ٢/ ١٢، والحاكم في المستدرك ٢/ ٧٣ وقال: صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الذهبي وأحمد. انظر الفتح الرباني ١٤/ ٧، وشرح السنة ١١/ ١٤، كلهم عن عبد الله بن عمرو.
درجة الحديث: صحيح كما قال الحاكم والذهبي.
(٩) قال الخطابي: يُحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون أراد به القفول عن الغزو والرجوع إلى الوطن، يقول: إن أجر المجاهد في انصرافه إلى أهله كأجره في إقباله إلى الجهاد.
الثاني: أن يكود أراد بذلك التعقيب وهو رجوعه ثانياً في الوجه الذي جاء منه منصرفاً وأن لم يلقَ عدواً.
شرح السنة ١١/ ١٥.
(١٠) تقدم.

<<  <   >  >>