للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب فضل صلاة القائم على صلاة القاعد]

هذه الترجمة تداني الترجمه السابقة في المعنى من أن النظر في التفاضل لا يكون إلا بعد التساوي في الإِجزاء، ولا يخلو أن يصلّي قاعدًا في الفرض أو في النافلة. فإن كان في الفرض فلا يكون إلا مع العجز والعذر، كما فعل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، حين أجرى فرسًا فصرع عنه فجحش (١) شقه الأيمن وانفكت قدمه فصلى قاعدًا (٢) الحديث الشهور من رواية أنس وجابر، رضي الله عنهما، إلا أن جابر بن عبد الله زاد في روايته "قَالَ فَلَمَّا انْصَرَفَ لَقَدْ كُدْتُمْ تَفْعَلُونَ بِي فِعْلَ فَارِسٍ وَالرُّومِ بِمُلُوكِهِمَا إِنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ" (٣) الحديث.

[تنبيه على وهم]

قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "فِإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا" فأمر بمتابعته ولا يخلو من ثلاثة أحوال:

إما أن يتابعه في الابتداء ويبتدىء معه التكبير والركوع.

وإما أن يكبِّر ويركع في أثناء تكبيرة الإِمام وركوعه.

وإما أن يكبِّر بعد ذلك.

فلما احتمل اللفظ هذه المعاني الثلاثة تلبَّس الخلق بها فجعلوا يفعلون مع إمامهم ذلك كله ثم تمكن الشيطان من نواصيهم فجذبها حتى فعلوها قبل إمامهم.

وقد روى مسلم في صحيحه "لاَ تَسْجِدُوا حَتَّى تَرَوْني قَدْ وَضعْتُ جَبِينِي عَلَى


(١) أي انخدش جلده وانسحج. النهاية ١/ ٢٤١.
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة باب إنما جعل الإِمام ليؤتم به ١/ ١٧٧، ومسلم في كتاب الصلاة باب إتمام المأموم بالإمام ١/ ٣٠٨، وأبو داود ١/ ١٦٤، والترمذي ٢/ ١٩٤، ١٩٥، وقال حسن صحيح والنسائي ٢/ ٩٨ - ٩٩، وابن ماجه ١/ ٣٩٢، ومالك في الموطّأ ١/ ١٣٥، والشافعي في الرسالة ص ٢٥١ كلهم من رواية أنس بن مالك "أَنَّ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، رَكِبَ فَرَسًا فَصُرعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأيْمَنُ فصلى صَلاَةً مِنَ الصَّلوَاتِ وَهُوَ قَاعِد فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَما انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لُيؤْتَمَّ بِهِ ..).
(٣) مسلم في كتاب الصلاة باب ائتمام المأموم بالإمام ١/ ٣٠٩، وابن ماجه ١/ ٣٩٣.

<<  <   >  >>