للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ما جاء في صفة جهنم]

هذه ترجمة عظيمة ترجم بها العلماء وترجموا بنظيرها في المقابل لها وهي صفة الجَنةِ، وإنما ترجَم مالك رضي الله عنه بصفةِ جهنم دونَ صفة الجَنةِ لأن العالم يجب أن يراعي الغالب على أحوال الخلق، فإن الغالب على أحوالهم الطاعة والخوف ذكرهم بسعةِ الرحمةِ ونقلهم إلى مقام الرَّجاء، وإن كان الغالب عليهم الانهماك في المعاصي والاتكال على سعةِ الرحمة وعِظهم بآيات الخوف وآثاره ونقلهم إلى مقامه، فلما رأى مالك رضي الله عنه في زمانه الانهماك في المعاصي للناس وفي الظلمِ للولاةِ ترجمَ بآثار التخويف لينقلهم إلى مقامه، وأحاديث ذلك كثيرة منها حديثين عن أبي هريرة رضي الله عنه.

الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ناركم هذه الذي توقدونَ جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم) (١) زاد غيره: (بعد أن صُبغت في البحر صبغتين) (٢) تنبيهاً على أنها لو كانت بحالها ما احتملت الأرض سقط زنادٍ منها، وفي الحديث ان دلواً من غسّاقٍ لو صب في المشرق لأنتنَ منهُ المغرب (٣) كما روي في مقابله لو أن نصيفًا (٤) ظهر للدنيا من الحُور العين


(١) الموطأ ٢/ ٩٩٤ مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم) فقالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية؟ قال: (إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً).
وقد أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب صفة النار وإنها مخلوقة ٤/ ١٤٧، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها (٢٨٤٢)، وزاد أحمد في روايته وضربت في البحر مرتين ولولا ذلك ما انتفع بها أحد، انظر الفتح الرباني ٢٤/ ١٦٣، وكذلك روي هذه الزيادة ابن حبان ٩/ ٢٧٦.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ وقد ورد في تخريج أحاديث الأحياء للعراقي قوله: قيل: (إن نار الدنيا غسلت بسبعين ماء من مياه الرحمة حتى أطاقها أهل الدنيا) قال العراقي: ذكره ابن عبد البر من حديث ابن عباس، انظر الأحياء ٤/ ٥٣١.
(٣) رواه الترمذي (٢٥٨٤) وقال: لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد وفي رشدين مقال من قبل حفظه ورواه أحمد في المسند ٣/ ٢٨ من طريق ابن لهيعة، والحاكم في المستدرك ٤/ ٦٠١ - ٦٠٢ عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث وصححه وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس (٥١١٦).
ورواه البغوي من رواية الترمذي شرح السنة ١٥/ ٢٤٥ وانظر المشكاة (٥٦٨٢)، والطبرى ٢٣/ ١٤، وابن كثير ٧/ ٦٩، الزهد لابن المبارك ٢/ ٩٠، والحديث ضعفه الشيخ ناصر في ضعيف الجامع الصغير ٥/ ٤١.
(٤) في جميع النسخ نصيفاً والذي في الحديث وصيفاً.

<<  <   >  >>