للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الكنز]

أدخل مالك رضي الله عنه حديث ابن عمر أنه المال الذي لا تؤدى زكاته (١) وصدق لأن الله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٢) فاختلف الناس هل هذة الآية عامة في كل نفقة أو مخصوصة بالزكاة؟ (٣) وقد بيَّنَّا أن الكنز


(١) الموطّأ ١/ ٢٥٦ مالك عَنْ عَبْدِ اللِه بْنِ دينَارٍ أنهُ قَالَ: سَمِعْت عبد الله بنَ عمَرَ يَسْألُ عَنِ الْكَنْزِ مَا هوَ؟ فَقَالَ: (هُوَ الْمَالُ الذِي لاَ تُؤَدَّى مِنهُ الزَّكاةُ)، والبيهقي في السننِ الكبرى ٤/ ٨٣ وقال هذا هو الصحيح موقوف، والبخاري من طريق ابن شهاب عن خالد بن أسلم قال: خرَجْنَا مَعَ ابن عُمَرَ .. فذكره البخاري في الزكاة باب من أدى زكاة ماله فليس بكنز ٢/ ١٣٢، والشافعي في مسنده ١/ ٢٢٤ ورواه البيهقي أيضاً من رواية عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بلفظ (كُلُّ مَا أدَّيْتَ زَكَاتَهُ وإنْ كَان تَحْتَ سبْعِ أرَاضِينَ فَلَيْس بِكَنْزٍ، وَكُلَّ مَا لَا تُؤَدِّي زَكَاتَهُ فَهوَ كَنْزٌ وإن كانَ ظَاهراً عَلَى وَجْهِ الْأرْضِ) قال هذا هو الصحيح موقوف. وكذلك رواه جماعة عن نافع وجماعة عن عبيد الله بن عمر، وقد رواه سويد بن عبد العزيز وليس بالقوي عن عبد الله بن عمر مرفوعاً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، السنن الكبرى ٤/ ٨٢، والبغوي في شرح السنة ٥/ ٤٧٧ وقال الحافظ: الحديث روي مرفوعاً وموقوفاً .. ووصله البيهقي والطبراني من طريق الثوري وقال إنه ليس بمحفوظ. فتح الباري ٣/ ٢٧٢.
درجة الحديث: الموقوف منه صحيح والمرفوع ضعيف لأنه من طريق سويد بن عبد العزيز السلمي، مولاهم، الدمشقي، قاضي بعلبك أصله واسطي نزل حمص لين الحديث من الثامنة مات سنة ١٩٤ وله ٨٠ سنة/ ت ق. ت ١/ ٣٤٠، وقال في ت ت قال أحمد متروك الحديث، وقال ابن معين ليس بثقة، وقال البخاري في حديثه مناكير أنكرها أحمد، وقال النسائي ليس بثقة ومرة قال ضعيف، وضعفه ابن حبان جدا ت ٤/ ٢٧٦ وانظر المجروحين ١/ ٣٥٠ والميزان ٢/ ٢٤٧ والمغني ١/ ٢٩١.
(٢) سورة التوبة آية ٣٤.
(٣) قال الشارح في كتاب الأحكام: اختلف الصحابة في المراد بهذه الآية؛ فذهب معاوية إلى أن المراد بها أهل الكتاب، وخالفه أبو ذر وغيره فقال المراد بها أهل الكتاب والمسلمون .. وتنقيح الأقوال وجلاء الحق ينحصر في ثلاثة مدارك: المدرك الأول أن الكل من فقهاء الأمصار اتفقوا على أنه ليس في المال حق سوى الزكاة، وإذا لم يكن في المال حق سواها وقضيت بقي المال مطهراً.
المدرك الثاني أن الآية عامة في أهل الكتاب وغيرهم وقد أكد ذلك بقوله {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} ..
وأما الكنز فهو مال مجموع، لكن ليس كل مال دين لله تعالى فيه حق، ولا حق الله سوى الزكاة فإخراجها يخرج المال عن وصف الكنزية، ثم إن الكنز لا يكون إلا في الدنانير والدراهم أو تبرها، وهذا =

<<  <   >  >>