للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العيان فيه، ولهذا المعنى وقعت الإشارة بأن عمر بن الخطاب قضى في المرأة إذا أرخيت الستور عليها فقد وجب الصداق (١). وشرط بعض العلماء أن يكون ذلك في بيت البناء؛ لأن الخلوة في غيره لم توضع لهذا فربما وقع وربما لم يقع، والأصل العدم، فلا يتحقق الوجود إلا بيقين أو بظاهر يدل عليه وهذا هو اختيار سعيد بن المسيب (٢). وسوى سائر العلماء بين الأمرين لأنَّ الخلوة إذا وقعت ولا وازع من الطبع ولا من الشرع فالظاهر وقوع الوطء فقضى به، وهذا بناء على مسألة من أصول الفقه قد قدَّمناها وهي إذا تعارض أصل وظاهر بما يُقضى منهما، وأحكامه مختلفة وعلى الأدلة مبينة وقررنا المسألة في كتاب التلخيص على غيرها واستوفينا الأدلة عليها.

[ما لا يجوز في الشروط في النكاح]

هذه معضلة اختلف الناس فيها كثيراً قديماً، وحديثاً تعارض فيها أصلان عظيمان أحدهما قريب المرام وهو ما روي عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "أحَقُّ الشُّرُوطِ أنْ تُوْفُوا بِهِ مَا استَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوج" (٣).

والأصل الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ شَرطٍ لَيْس في كِتابِ الله" (٤) أي في حكم الله،


(١) الموطأ ٢/ ٥٢٨, مَالِك عَنْ يَحْيىَ بْنِ سعيد عَن سعِيد بن المسَيب أنْ عُمَرَ بنَ الْخَطاب (قَضى في الْمَرْأة إذا تَزَوجَهَا الرجل أنهُ إذا أرْخِيَتِ السُّتُور فقدْ وَجَب الصّداقُ)، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٢٥٥، والدرقطني في السنن ٣/ ٢٠٧.
درجة الحديث: رجاله ثقات.
ورواه الدرقطني من طريق تميم بن المنتصر نا عبد الله بن نمير عن عبيد لله ابن عمر عن عمر قال: إذا أُجِيفَتِ الْبَابُ وَأُرْخِيَتِ السُّتُورُ فَقَد وَجَبَ الْمَهْر: الدارقطنى ٣/ ٢٠٦ وكذلك البيهقي ٧/ ٢٥٥.
درجة الأثر: صحيح.
(٢) مَالِك أنهُ بَلَغَهُ عَنْ سعيدِ بنِ المسيب كَانَ يَقول: (إذا دَخَلَ الرجلُ بِالمَرْأةِ في بيتهَا صُدّقَ الرجُل عَليهَا وإن دَخَلَتْ عَلَيْهِ في بَيْتهِ صدَّقَتْ عَلَيهِ) الموطأ ٢/ ٥٢٩.
درجة الأثر: ضعيف لأن مالكاً لم يدرد سعيد بن المسيب.
(٣) متفق عليه. البخاري في الشرمروط باب الشروط في المهر عند عقد النكاح ٣/ ٢٤٩، وفي النكاح باب الشروط في النكاح ٧/ ٢٦، ومسلم في النكاح باب الشروط في النكاح ٢/ ١٠٣٦، وشرح السنة ٩/ ٥٣ كلهم عن عقبة بن عامر.
(٤) متفق عليه. البخاري في البيوع باب إذا اشترط شروطا في البيع لا تحل ٣/-٩٥ - ٩٦، وفي كتاب الشروط باب المكاتب وما لا يحل من الشروط التى تخالف كتاب الله ٣/ ٢٥٩، ومسلم في كتاب العتق باب إنما الولاء لمن أعتق ٢/ ١١٤٢ - ١١٤٣، والموطأ ٢/ ٧٨٠ كلهم من حديث عائشة.

<<  <   >  >>