للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" وهم وتنبيه"

لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، للأعرابي "كُلْهُ" ظنَّت طائفة أن الكفارة ساقطة عنه، وقالوا بأن ذلك مخصوص (١) به، ولم يتنبهوا لفقه عظيم وهو أن هذا رجل ازدحمت عليه جهة الحاجة وجهة الكفارة فقدم الأهم، وهو الاقتيات، وبقيت الكفارة في ذمته إلى حين القدرة، حسب ما أوجبها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢). قال علماؤنا: ولم يذكر القضاء لعلمه به، وقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال له: "صُمْ يَوْماً مَكَانَهُ وَاسْتَغْفِرِ الله" (٣)، أخرجه الدارقطني. واختلف


= أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟ قال: لَا. قال: فَعَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قال: لا. قال: فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟ قال: لَا. الحديث. شرح الزرقاني ٢/ ١٧٢ والمغني ٣/ ١٤١.
وقال الحافظ: سلك الجمهور في ذلك مسلك الترجح بأن الذين رووا الترتيب عن الزهري أكثر ممن روى التخيير .. وقال: روي الترتيب عن الزهري .. تمام الثلاثين نفساً أو أزيد. ورجح الترتيب أيضاً بأن راويه حكى لفظ القصة على وجهها فمعه زيادة علم من صورة الواقعة. وراوي التخيير حكى لفظ راوي الحديث فدلّ على أنه من تصرّف بعض الرواة، إما لقصد الاختصار أو لغير ذلك. ويترجح الترتيب أيضاً بأنه أحوط لأن الأخذ به مجزيء وسواء قلنا بالتخيير أو لا بخلاف العكس .. فتح الباري ٤/ ١٦٧ - ١٦٨.
(١) قال ذلك الإِمام الزهري، رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري. المصنف ٤/ ١٩٤، ومن طريقه أبو داود ٢/ ٧٨٥، والبغوي في شرح السنة ٦/ ٢٨٧. قال أبو داود: زاد الزهري وإنما كان ذلك رخصة له خاصة، فلو أن رجلاً فعل ذلك اليوم لم يكن له بد من التكفير، وقال الحافظ: وإلى هذا نحا إمام الحرمين ورد بأن الأصل عدم الخصوصية .. فتح الباري ٤/ ١٧١.
(٢) هذا مذهب البغوي وابن دقيق العيد. قال الحافظ قال ابن دقيق العيد قوله وأما الكفارة فلم تسقط بذلك ولكن ليس استقرارها في ذمته مأخوذ من هذا الحديث، وأما ما اعتلّوا به من تأخير البيان فلا دلالة فيه لأن العلم بالوجوب قد تقدم ولم يرد في الحديث ما يدل على الإسقاط لأنه كما أخبره بعجزه ثم أمره بإخراج العرق دلّ على أن لا سقوط عن العاجز ولعله أخَّر البيان إلى وقت الحاجة وهو القدرة. فتح الباري ٤/ ١٧٢، وقال البغوي صارت في ذمته إلى أن يجدها كالمفلس يُمهل إلى اليسار. شرح السنة ٦/ ٢٨٧.
(٣) أبو داود في سننه ٢/ ٧٨٦، والدارقطني في سننه أيضاً ٢/ ١٩٠، والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٢٢٦ كلهم من طريق هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَة. قال الزيلعي: قال ابن القطان وعلة هذا الحديث ضعف هشام بن سعد، وقال عبد الحق في أحكامه: طرق مسلم في هذا الحديث أصح وأشهر وليس فيها صوم يوماً ولا مكتلة التمر ولا الاستغفار، وإنما يصح القضاء مرسلاً .. وهذا المرسل في موطأ مالك .. وصوم يوماً مكان ما أصبت، نصب الراية ٢/ ٤٥٣.
والحديث فيه هشام بن سعد المدني، أبو عباد أو أبو سعد، صدوق له أوهام ورمي بالتشيع، من كبار
السابعة. مات سنة ١٦٠ أو قبلها/ خت م ع ت ٢/ ٣١٨، وقال في ت ت قال العجلي جائز الحديث =

<<  <   >  >>