للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب القراض (١)

القراض عقد كان في الجاهلية وأقره الإسلام وفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل المبعث. قارضته خديجة فقبل قراضها وخرج به إلى الشام وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره من شريعة الإسلام (٢) حتى استأثر الله به إليه وأهل الحجاز يسمونه قراضاً وأهل العراق يسمونه مضاربة (٣) وقيل في الأول إنه مأخوذ من القرض وهو القطع كأنه قطع للعامل جزء من ماله أو قطعه كله للعامل عن نفسه وقيل هو مأخوذ من المساواة يقال قارض فلاناً إذا ساواه وفي حديث أبي الدرداء "قارض الناس ما قارضوك فإنك إن تركتهم لم يتركوك" (٤).

وقيل في المضاربة إنها مأخوذه من الضرب في الأرض وقيل إنها مأخوذه من ضرب معه في سهمه أي في الربح وأدخل مالك فيه أصلاً قضاء عمر على أبي موسى وعلى ولديه (٥) حسبما نصه في هذا الكتاب فإن قيل كيف جاز لعمر أن ينقض قضاء أبي موسى وهو أمير من الأمراء قلنا: إذا كان الإمام أعدل من الأمير تعين عليه أن ينظر في أقضية


(١) الموطأ ٢/ ٦٨٧.
(٢) هذه القصة ساقها ابن إسحاق في سيرته ١/ ١٨٧ - ١٨٨ وابن كثير في سيرته ١/ ١٦٢ وابن حبان ص ٦٠.
(٣) قال اين الأثير القراض المضاربة في لغة أهل الحجاز قال قارضه يقارضه قراضاً ومقارضة ... والمضاربة من الضرب في الأرض. النهاية ٤/ ٤١.
وقال في القاموس القراض والمقارضة المضاربة كأنه عقد على الضرب في الأرض والسعي فيها وقطعها بالسير وصورته أن يدفع إليه مالاً ليتجر فيه والربح بينهما على ما يشترطاه. ترتيب القاموس ٣/ ٥٩٣.
(٤) رواه أبو نعيم في الحلية ١/ ٢٦٨، والخطابى في غريب الحديث له ٢/ ٣٤٧، وأبو عبيد في الغريب ٤/ ١٤٩، وابن الأثير في النهاية ٤/ ٤١.
(٥) مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال خرج عبد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على أبي موسي الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل ثم قال: لو أقدر لكما على أمر لنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى ههنا مال من مال الله أريد أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديه رأس المال إلي أمير المؤمنين ويكون الربح لكما فقالا وددنا ذلك وكتب إلي عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال ... الموطأ ٢/ ٦٨٧، وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>