للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحديث متأول تارة ومنسوخ أخرى، والمحافظة على ركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو فائدة المرسلين وخلافة الخلق أجمعين أَوْلى بالاعتبار (١).

(الالتفات (٢) في الصلاة والتصفيق فيها)

بوَّب مالك، رضي الله عنه، على الالتفات في الصلاة لأنه عمل خارج عنها مضاد للإقبال، ولكن سمح في اليسير منه عند الحاجة.

روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أَنَّهُ كَانَ يَلْتَفِتُ في الصلاةِ يَمِيناً وَشِمَالاً غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَلْوِي عُنُقهُ)


= فَأَلْقَوْا ثِيَابًا ... سنن النسائي ٣/ ١٠٦ - ١٠٧و ٥/ ٦٣، والترمذي باختصار وقال حسن صحيح. سنن الترمذي ٢/ ٣٨٥ - ٣٨٦، ورواه أحمد أطول من رواية النسائي. انظر الفتح الرباني ٩/ ١٨٦ - ١٨٧، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٨٥ - ٢٨٦، وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وابن ماجه١/ ٣٥٣، وابن خزيمة ٢/ ١٦٥ كلاهما مختصرًا.
درجة الحديث: صحيح كما قال الترمذي والحاكم والذهبي.
(١) أقول: رد الحافظ ابن حجر ما ذهب إليه ابن العربي من كون الحديث مؤوَّلًا أو منسوخًا فقال: والحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض لقوله تعالى {وَإذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعوا لَهُ وأَنْصِتُوا} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قُلْتَ لِصاحِبِكَ أَنصتْ وَالإِمَامُ يخْطُب فقَدْ لَغَوْتَ" قال: فإذا امتنع الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغي بالإِنصات فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أَوْلى.
وعارضوا أيضًا بقوله، - صلى الله عليه وسلم -، للذي دخل يتخطى رقاب الناس وهو يخطب أجلس فقد أذيت، فأمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية .. إلى أن قال: ويمكن الجمع وهو مقدم على المعارضة المؤدية إلى إسقاط أحد الدليلين.
أما الآية، فليست الخطبة كلها قرآناً وما فيها من القرآن الأمر بالإِنصات حال قراءته عام مخصص بالداخل.
أما حديث إِذَا قُلْتَ لِصاحِبِكَ انصت فهو وارد في المنع من المكالمة في الصلاة، ولو سلّم أنه يتناول كل كلام حتى الكلام في الصلاة لكان عمومًا مخصصًا بأحاديث الباب. أما أمره - صلى الله عليه وسلم - لمن دخل يتخطى الرقاب بالجلوس فذلك واقعة عين ولا عموم لها. إلى أن قال وقد أجاب المانعون بأجوبة غير ما تقدم وساق عشرة وأجاب عنها.
منها لما تشاغل - صلى الله عليه وسلم - بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع إذ لم يكن منه - صلى الله عليه وسلم -، خطبة في تلك الحال. قال: وادعى ابن العربي أن هذا أقوي الأجوبة، قال الحافظ وهو أضعفها لأن المخاطبة لما انقضت رجع النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلى الخطبة وتشاغل سليك بامتثال ما أمر به من الصلاة فصح أنه صلى حال الخطبة.
ومنها تمسك أهل المدينة، خلفًا عن سلف من لدن الصحابة إلى عهد مالك، أن التنقّل حال الخطبة ممنوع مطلقًا وتعقب بمنع اتفاق أهل المدينة؛ فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد الخدري، روى ذلك الترمذي وابن خزيمة وصححاه وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة، ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحًا ما يخالف ذلك. فتح الباري ٢/ ٤٠٨ - ٤١١.
(٢) هذه الترجمة في الموطأ ١/ ١٦٣.

<<  <   >  >>