للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس العوامل التي ساعدت على نبوغه]

لقد ساعدت على نبوغ الحافظ أبي بكر بن العربي عدة عوامل كونت منه شخصية فذة.

وعوامل تنمية الشخصية وتنمية المواهب لها وخلق الملكات عند المرء حتى ينبغ في عصره ويتميز عن أقرانه يتوقف على أمور ومؤثرات منها ما يكون خلقياً كالذكاء والمواهب، ومنها ما يكون مكتسباً يرجع إلى حسن استغلال المرء للظروف التي تحيط به وسلامة توجيهه ومدى استعداده وقابليته للإفادة من ذكائه ومواهبه، وفي العوامل المكتسبة يبرز التنافس ويظهر التفاضل بين الأخوة والأقران.

وقد تضافرت عوامل ومؤثرات ساعدت على نبوغ القاضي أبي بكر بن العربي وجعلته من بين أقرانه يحتل مكانة علمية مرموقة:

١ - بيئته الخاصة: وهي أكثر تأثيراً على الإنسان من البيئة العامة. فإذا انطبع الإنسان من الصِّغَر بطابع خاص يتأصل فيه ولا ينفكّ عنه في جميع مراحل حياته، وهذا ما بيَّنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، في حديثه: "مَا مِن موْلود إلّا على الْفطْرَةِ فأَبَواهُ يُهَودَانَهُ أَوْ يُنَصِّرَانَهُ أو يُمَجِّسانَهُ" (١) الحديث.

فيرث الطفل من أسلافه السيرة الحميدة والسلوك القويم والأخلاق الطيبة، والبيئة التي نشأ فيها ابن العربي بيئة على جانب كبير من العلم والصلاح؛ فوالده كان عالماً صاحب مكانة مرموقة في وطنه، وقد صحبه في رحلته الطويلة وكان قبل دلك ربّاه أحسن تربية منذ الصغر.

٢ - رحلته إلى المشرق وما لقيه فيها من كبار العلماء وما اشتراه من كتب نادرة أدخلها لأول مرة إلى الأندلس (٢)، أضف إلى ذلك فراغ البال من كل شيء إلا من العلم.


(١) البخاري في الجنائز باب إذا أسلم الصبيّ فمات هل يُصلي عليه: ٢/ ١١٨، من حديث أبي هريرة.
(٢) انظر قائمة الكتب التي عاد بها من الرحلة المشرقية في ملحق آراء ابن العربي الكلامية: ٢/ ٥٠٥ للدكتور عمار طالبي.

<<  <   >  >>