للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما صفر فقيل أراد به النَّسىء وقيل أراد به دواب البطن ومن الجهال من يظن أنها تعدي، وأما قوله لا تحلل الممرَّض على المصح فإنه اعتراض على قوله لا عدوى لأنه إن كانت العدوى باطلة فليختلط الصحيح والأجرب إذ لا تأثير بينهما ولأجل هذا كانا يقولون إنه حرف أخطأ فيه الراوي أو نسيه حتى قالوا إنه لم ينس قط أبو هريرة شيئًا غير هذا والحديث صحيح (١) الأول صحيح ليس فيه تعارض ولا بينهما تناقض، فإنه وإن كان لا عدوى فإنه كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم - إذ المعنى أنه يتأذى به ابتداء في وجودهِ ويتأذى به انتهاء إن خلق الله تعالى في الِإبل الصحاح أمثاله في مالهِ بما يحدث عليه من الجرب وفي اعتقاده أن يخطر بباله أن هذا البعير الجرب هو الذي أجْرَبَ جماله وقد سمعتُ من يقولُ من العلماءِ إن المراد بقوله: لا عدوى في بعضِ الأدواءِ، ألَّا ترى أن الطاعون كيف منع من الدخول فيهِ والخروج عنهُ، وِقد قدمنا الكلام عليه، وبينا في أحدِ الوجوه أن المعنَى فيه أنه ربَّما دخلَ فأصابه قدر أو خرَجَ عنه فنجي من مرض فيعتقد إن ذلك فائدة الدخول والخروج وينسى حكم الله تعالى وربما خرج عنه أيضًا فأدركته العقوبة.

[المتحابون في الله]

حديث أبي هريرة سبعة يظلهم الله إلى آخره (٢). زاد في الصحيح: (إن البقرةَ وآل عمران تأتيان يوم القيامة يظلان صاحبهما كأنهما غمامتان أو فرقان من طير صوافّ) (٣) وإنما بوّب مالك رضي الله تعالى عنه من هذا الحديث على المحبة في الله تعالى، دون سائر الخصال, لأنها أعظمها نفعًا وأعمها (٤) بركة لما فيها من الألفة التي تقيم الشعائر


(١) قال أبو سلمة فما رأيتة نسي حديثًا غيره وهي رواية البخاري السابقة.
(٢) الموطأ ٢/ ٩٥٢ من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون لجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلّا ظلي) ورواه مسلم في كتاب البر والصلة باب فضل الحب في الله (٢٥٦٦).
(٣) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة (٨٠٤) من حديث أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما ..) والغمامة السحابة والغياية كل شيء أظل الإنسان وغيره من فوقه وهي كالسحابة والمراد به أن السورة كالشئ الذي يظل الإنسان من الأذى من الحر والبرد وغيرهما ... جامع الأصول ٨/ ٤٧١.
(٤) في ك أهمها.

<<  <   >  >>