للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرخصة في القبلة للصائم]

ثم ذكر مالك حديث أم سلمة، رضي الله عنها، وهو مثل الذي قبله في الاقتداء بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وإحالة الصحابة في قصد البيان عليه كما كان هو يحيل، - صلى الله عليه وسلم -, عليه وقول السائل (الله يحلُّ لرسوله ما شاء) يعني أنه لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يختص بأشياء ظن أن هذا منها فبيِّن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن الأصل الاسترسال على الاستدلال بجميع أفعاله حتى يقوم الدليل على تخصيصه (١) بها. وقوله إني لأتقاكم لله ذكر قوله أخشاكم مقروناً بالرجاء وذكر قوله أتقاكم على القطع ورجاء رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قطعٌ لأنه لم يخب ظنه بربه، وقطعه قطع لأنه خبر عن حقيقة حاله أعلمهم بذلك على سبيل الاعتقاد والإعلام بالدين، لا علي سبيل الفخر على المسلمين؛ وقد روت عائشة، رضي الله عنها، أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -: (كَان يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ) (٢) وكانت تقول: (وَأيُّكمْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، يَمْلِكُ نَفْسَهُ). فلذلك شدد فيه ابن القاسم عن مالك في كل صوم لأنها لا تدعو إلى خير (٣)، ورخص فيها هْي التطوّع من رواية ابن وهب (٤)، ........


(١) حديث أم سلمة المشار إليه ورد في الموطأ ١/ ٢٩١ - ٢٩٢ مرسلاً مِنْ طريق عَطَاءِ بْنِ يَسار أنُّ رَجُلاً قَبَّلَ أمْرَأتَة وَهوَ صَائم في رَمضَانَ فَوَجَدَ في ذلِكَ وَجْداً شَدِيداً فَأرْسَلَ أمْرَأتَهُ تسْأل لَه عَنْ ذلِكَ فَدخلتْ عَلَى أمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَتْ ذلِكَ لَهْا فَأخْبَرَتْهَا أم سَلَمَةَ أن رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يَقَبِّلُ وَهوَ صَائِم فَرَجَعَتْ فَأخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذلِكَ فَزَادهُ ذلِكَ شَرْاً وَقَالَ لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللِه - صلى الله عليه وسلم - .. ورواه الشافعي من طريق مالك وقال قد سمعت من يصل هذا الحديث، ولا يحضرني ذكر من وصله. الرسالة ص ٤٠٤ - ٤٠٥، ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من الأنصار أنه أخبره أنه قتل امرأته على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو صائم فأمر امرأته فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن ذلك .. المصنف ٤/ ١٨٤، ورواه أحمد في المسند قال حدثني عبد الرزاق وساق الحديث .. المسند ٥/ ٤٣٤، وطريق عبد الرزاق موصولة، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد ٣/ ١٦٦ إلى أحمد وقال رجاله رجال الصحيح وأقره الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للرسالة ص ٤٠٥، وصححه أيضاً الحافظ في الفتح ٤/ ١٥١.
درجة الحديث: صحيح.
(٢) متفق عليه. البخاري في الصيام باب المباشرة للصائم ٣/ ٣٨ من طريق إبراهيم عن الأسود عن عائشة .. ، ومسلم في الصوم باب القبلة للصائم ٢/ ٧٧٧ وفي رواية عبيد الله بن عمر عن القاسم عنها عند مسلم ٢/ ٧٧٧ (يُقَبِّلُني وَهُوَ صَائمٌ).
(٣) قال الباجي: وفي المجموعة قال ابن القاسم شدد مالك في القبلة للصائم في الفرض والتطوع. المنتقى ٢/ ٤٧.
(٤) قال الباجي: وروى ابن وهب في موطئه عن مالك: أما القبلة في التطوع فأنا أرجو أن يكون ذلك واسعاً، =

<<  <   >  >>