للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قدمناه إنه وقع الخُلع بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، طلاقاً، وقد حقَّقناه فيما تقدم إن الله جعل من النكاح مخلصاً بالطلاق فمتى ما خرج عنه الزوجان فخروجهما طلاق تلفَّظا به أو ذكرا معناه.

[مسائل من كتاب الطلاق]

جرى ذكرها فيما سبق فرأينا أن نعطف عليها عنان البيان.

[المسألة الأولى]

إذا قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام اختلف الناس فيها على نحو من أحد عشر قولًا (١)، فقال علي: إنها ثلاث (٢)، وقد قال ابن عباس فيها كفَّارة يمين.

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٣) يعني حين حرم مارية ثم كفَّر كفارة اليمين قالوا: وفي ذلك نزلت {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (٤) الآية، وقد بسطناها في الإنصاف وغيره، وقد قال مالك، رحمة الله عليه: إن الرجعية محرمة الوطء (٥)، فإذا قال: أنتِ عليَّ حرام، فإن ألزمناه فيها طلقة واحدة كنَّا قد وفينا اللفظ حقه، إلا أن مالكاً على أصله يرى أن يرتبط الحكم بجميع معاني الأسماء وخصوصاً في الحرمة التي تتعلق بالفروج لغلبة التحريم فيها للحل، ولذلك قال تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٦) فإذا قال لزوجته: أنتِ عليَّ حرام، حمل على صفته في القرآن (٧).

[المسألة الثانية]

الإكراه في اللغة والشريعة عبارة عن تصريف الرجل لفعله بغير اختياره، وقد نص الله


(١) لقد ذكر في الأحكام إنها خمسة عشر وسردها مع من قال بها. الأحكام ٤/ ١٨٣٥.
(٢) الموطأ ٢/ ٥٥٢ بلاغاً وقد تقدم تخريجه.
(٣) متفق عليه. البخاري في الطلاق باب {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ٧/ ٣٨، ومسلم في الطلاق باب وجوب الكفارة على من حرَّم امرأته ولم ينوِ الطلاق ٢/ ١١٠٠ ولفظه: منْ طَريق يَحْيىَ بْنِ أبيِ كثِيرٍ عَنْ يَعْلَى بنِ حَكِيمٍ عَنْ سعيد بنِ جبيرِ أنه أخْبرَة أنهُ سَمِعَ ابنَ عَباس يقُول: إذا حَرَّم الرجُلُ امْرَأتهُ لَيْس بشيء وَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} لفظ البخاري.
(٤) سورة التحريم آية ١.
(٥) قال ابن رشد: وعند مالك أنَّ وطء الرجعية حرام حتى يرتجعها، فلا بد عنده من النية. بداية المجتهد ٢/ ٦٤، وانظر الكافي ٢/ ٦١٧.
(٦) سورة البقرة آية ٢٣٠.
(٧) وهي التحريم {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}.

<<  <   >  >>