للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الأمان]

قال علماؤنا، رضي الله عنهم: الإِمام مخيَّر في الأعداء بين خمسة أشياء: القتل، المنّ, الفداء، الرقّ، الجزية، وقال (ح): لا يجوز المن (١)، وللعلماء في ذلك تفصيل طويل وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، منَّ (٢) وأمتنَّ (٣) والإمام ناظر للمسلمين فينظر فيما هو أعود عليهم بالمصلحة وأنفع لهم في الآجلة والعاجلة، فما أنفذ من ذلك بحسب ما يظهر له مضى، وقد بيَّنا ذلك في مسائل الخلاف. فأما أمان سائر الناس ففيه أيضاً خلاف كثير وتفصيل لعلمائنا جملته أن الأمان إذا وقع في جيش فيه الإِمام هل ينفذ أم يرجع؟ الرأي فيه إلى الإِمام؛ فإن غاب الإِمام عن موضع الأمان نفذ أمان الرجل البالغ الحر المسلم (٤)، واختلف في أمان العبد (٥) والمرأة (٦) واتفق على أن الصبي لا أمان له لأنه لا اعتبار بعبادته في الشرع، وهذا المعنى ينبني على أن الأمان عندنا من باب الحسبة فيقوم به كل أحد، وعند المخالف أنها ولاية (٧) وتنفيذ قول الغير على الغير ولا يكون ذلك إلا لمن يصلح للولاية ليس العبد والمرأة، وقد أوضحنا القول في مسائل الخلاف، وقد أجاز بعض


(١) انظر أحكام القرآن للجصاص الحنفي ٣/ ٣٩٢.
(٢) ورد ذلك من حديث إياس بن سلمة عن أبيه مسلم في الجهاد والسير باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى ٣/ ١٣٧٥.
(٣) منَّ عليه منّاً ومنينى كخليفى أنعم، وأصطنع عنده صنعية ومنه امتنَّ، ترتيب القاموس ٤/ ٢٨٨.
(٤) قال ابن رشد: جمهور العلماء على جواز أمان الرجل الحر المسلم إلا ما كان من ابن الماجشون يرى أنه موقوف على إذن الإِمام. بداية المجتهد ١/ ٣٨٢ - ٣٨٣.
(٥) قال البغوي: يروى ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق شرح السنة ١١/ ٩٠، وقال الحافظ: وأما العبد فأجاز الجمهور أمانه قاتَلَ أو لم يُقاتل. فتح الباري ٦/ ٢٧٤.
(٦) الجمهور على جوازه وكان ابن الماجشون وسحنون يقولان: أمان المرأة موقوف على إذن الإِمام بداية المجتهد ١/ ٢٨٠، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن أمان المرأة جائز، وانفرد ابن الماجشون فقال: لا يجوز. الإجماع لابن المنذر ص ٧٣، وانظر الفتح ٦/ ٢٧٣.
(٧) قال ابن قدامة: يصحّ أمان الإِمام لجميع الكفار وآحادهم لأن ولايته عامة لجميع المسلمين, المغني ٨/ ٣٩٨.

<<  <   >  >>