للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صحيحة (١) في المعنى، وقد روي عن ابن شهاب أنه قال: كان قطع النبي - صلى الله عليه وسلم -، للرعاء وسمل أعينهم في صدر الإِسلام ثم نسخ ذلك بتحريم المثلة (٢)، وهذا ليس بصحيح؛ إنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، بهم ما فعلوا بالرعاء على تفصيل يأتي في كتاب الجنايات إن شاء الله تعالى. وحد المثلة الزيادة على العقوبة أو العدول عن صفتها كأنه يخرج بها المعاقب عن مثله؛ فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (لِسَريَّةٍ بَعَثَهَا: إذا لَقِيتُمْ فُلاناً وَفُلَاناً فَأَحْرِقُوهُمْ بِالنَّارِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْد ذلِكَ: كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِكَذَا وَأَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا الله فَإِذَا لَقَيْتُمُوهُمَا (٣) فَاقْتُلُوهُمَا) والعلة في ذلك أن التمثيل تعذيب، والتعذيب لا يجوز إلا لله تعالى أو ما يكون من استيفاء الحق في الحد.


(١) ورد ذلك عند الشيخين في قصة العرنيين من رواية أنس قال: إنَّ ناساً مَنْ عَكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَة عَلَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَتَكَلَّمُوا بِالْإسْلاَمِ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ إنّا كُنَّا أَهْلَ ضِرْعٍ وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِذَوُدٍ وَرَاعٍ ...
البخاري في المغازي باب قصة عكل وعرينة ٥/ ١٦٤، وفي عدة مواضع من البخاري، ورواه مسلم في القسامة باب حكم المحاربين والمرتدين ٣/ ١٢٩٦، وأبو داود ٤/ ٥٣١، والترمذي ١/ ١٠٦، والنسائي ٧/ ٩٣ - ٩٤.
(٢) لم أطلع على هذا القول لابن شهاب وقد ساق الحافظ ابن كثير الأقوال ورد عليها دون نسبتها لأحد فقال: اختلف الأئمة في حكم هؤلاء العرنيين هل هو منسوخ أو محكم فقال بعضهم هو منسوخ بالآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الْأَرْضِ فَسَادًا ...} وزعموا أن فيها عتاباً للنبي - صلى الله عليه وسلم -. ومنهم من قال: هو منسوخ بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن المثلة وهذا القول فيه نظر، ثم قائله مطالب ببيان تأخر الناسخ الذي أدَّعاه عن المنسوخ، وقال بعضهم: كان هذا قبل أن تنزل الحدود وفيه نظر فإن قصته متأخرة. ومنهم من قال: لم يسمل النبي - صلى الله عليه وسلم -، أعيتهم وإنما عزم على ذلك حتى نزل القرآن فبيَّن حكم المحاربين، وهذا القول أيضاً فيه نظر. مختصر تصير ابن كثير ١/ ٥١١، وانظر نواسخ القرآن لابن الجوزي ص ٣١٠، وأحكام القرآن للشارح ٢/ ٥٩٢، وزاد المسير ٢/ ٣٤٣.
(٣) أبو داود ٣/ ١٢٤ من طريق مُحَمَّدٍ بْنِ حَمْزَةَ الأسْلَمِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَّرَهُ عَلَى سرِيَّةٍ ..
والحديث فيه محمَّد بن حمزة بن عمرو الأسلمي المدني مقبول من الثالثة/ خت م د س. ت ٢/ ١٥٦. وقال في ت ت: حجازي روى عن أبيه وعنه أبناؤه ... ذكره ابن حبان في الثقات وضعَّفه ابن حزم، وعاب ذلك عليه القطب الحلبي وقال: لم يضعَّفْه أحد قبله، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله. ت ت ٩/ ١٢٧ وانظر الثقات ٥/ ٣٥٧.
وقال الذهبي: وثق، الكاشف ٣/ ٣٥، وترجمه أيضاً البخاري في التاريخ الكبير ١/ ٥٩ وساق الحديث في ترجمته.
درجة الحديث: ضعيف ولكن ضعفه ينجبر.

<<  <   >  >>