للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطء فهذه؛ غاية أخرى، ومن ها هنا أخذ علماؤنا أن البر والحل لا يكون إلا بأكمل الأشياء. قال علماؤنا: ويقتضيه المعنى لأنه إنما شرط الزوج في الطلاق الثلاث إرغاماً له حيث اقتحم بتات العصمة والإِرغام والمذلَّة إنما تكون بالوطء لا بالعقد حتى يكون ذلك واعظاً لغيره أن لا يقع فيها وزاجراً له حتى لا يعود إليها، وإذا انتظم المعنى والسنة لم يبقَ لأحد حجة اللهم إلا أنه يعترض ها هنا مسألة أبي حنيفة، رضي الله عنه، في نكاح المحلل فلو صح قولهم (لَعَنَ الله الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) (١) لكان ذلك أصلًا في فساد النكاح، وإذا لم تثبت له قدم في الصحة لم يبقَ إلا حظ المعنى، وهو عظيم في الباب، وهو أن قاعدة النكاح تمهدت في الشريعة بركنين.

أحدهما: القصد إلى التأبيد إلا أن يعرض عارض من خوف التعدي في حدود الله تعالى.

والثاني: أن يكون ذلك معقوداً لنفسه قربة لربه وعفة في دينه.

فإذا عقده على غير هذين الركنين فقد وضعه في غير موضعه فلم يكن نكاحاً شرعياً فوجب القضاء ببطلانه، وهذه قاعدة لا تزعزعها رياح الاعتراضات ولا يتوجه لأحد عليها سؤال ينفع، ولم يبق بعد هذا إلا تفصيل تركيب الفروع على هذه الأصول في صفة الوطء ووقوعه وخلوصه في الحل وتحريمه، وكمال الوطء أو نقصانه ووقوع الاتفاق عليه من الزوجين واختلافهما فيه وذلك مستوفى في مسائل الفروع إن شاء الله تعالى.

(باب) (٢) ما لا يجوز من نكاح الرجل أمِّ امرأته (٣)

(ذو) حالة (٤) واحدة لا يجوز فيها، ليس له غيرها، فما وجه الثبوت في قوله: ما لا يجوز من نكاح الرجل أُمِّ امرأته.


(١) الترمذي ٣/ ٤٢٨ وقال حسن صحيح، والنسائي ٦/ ١٤٩، والدرامي ٢/ ١٥٨، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٢٠٨، وأحمد في المسند ١/ ٤٤٨، كلهم عن أبي الهذيلي عن عبد الله ابن مسعود.
درجة الحديث: صححه الترمذي وابن القطان وابن دقيق العيد قال على شرط البخاري. تلخيص الحبير ٣/ ١٩٤، وصححه الشيخ ناصر في إرواء الغليل ٦/ ٣٠٧، وشعيب الأرناؤوطي في تعليقه على شرح السنة ٩/ ١٠١.
(٢) باب هنا خطأ ليست في بقية النسخ ولا الموطأ ٢/ ٥٣٣.
(٣) في الأصل هنا تكرار وهو قوله نكاح الرجل أم أمرأته، وليس في بقية النسخ.
(٤) في (ك) و (م) وحاله واحده.

<<  <   >  >>