للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب السرقة]

قال الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (١) فهذه الآية عامة في كلِ سرقةِ كيف ما وجدت، وعلى أي حال (٢) جرت إلَّا أن الشريعة خصصتها بخصائص، وعقدتها بمعَاقدَ.

المعقد الأول: قالت طائفة يتعلق القطع في السَرقةِ بقليل المال وكثيره لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لعن الله السارق، يسرق البيضَة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده) (٣) وهذا حديث صحيح: قال ابن قتيبة: المراد بالبيضة بيضة الحديد، والمراد بالحبل، حبل السفينة (٤). وابن قتيبة هجوم ولاج على ما لا يحسنُ، وليته يخطئ في البيضِ والحبال ولا يخطئ في صفاتِ ذي الإكرامُ والجلالِ. وعضدَ ذلك بعضهم بحديثٍ يروى عن


(١) سورة المائدة آية (٣٨).
(٢) في ج وك حالة.
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري في الحدود باب لعن السارق إذا لم يُسَم ٨/ ١٩٨ ومسلم في الحدود باب حد السرقة ونصابها (١٦٨٧).
(٤) قال ابن قتيبة ومن الفقهاء من يذهب إلى أن البيضة في هذا الحديث بيضة الحديد التي تغفر الرأس من الحرب وأن الحبل من حبال السفن قال وكل واحد من هذين يبلغ دنانير كثيرة وهذا التأويل لا يجوز عند من يعرف اللغة ومخارج كلام العرب لأن هذا ليس موضع تكثير لما يسرق السارق فيصرف إلى بيضة تساوي دنانير وحبل عظيم لا يقدر على حمله السارق.
ولا من عادة العرب والعجم أن يقولوا قبح الله فلاناً فإنه عرض نفسه للضرب في عقد جوهر وتعرض لعقوبة الغلول في جراب مسك وإنما العادة في مثل هذا أن يقال لعنه الله تعرض لقطع اليد في حبل رث أو كبة شعر أو إداوة خلق وكلما كان من هذا أحقر كان أبلغ. تأويل مختلف الحديث ص ١٦٦.
ونقل الحافظ عن ابن الأنباري قوله ليس الذي طعن به ابن قتيبة على تأويل الخبر بشيء لأن البيضة من السلاح ليست علماً في كثرة الثمن ونهاية في غلو القيمة فتجري مجرى العقد من الجوهر والجراب من المسك اللذين ربما يساويان الألوف من الدنانير بل البيضة من الحديد ربما اشتريت بأقل مما يجب فيه القطع وإنما مراد الحديث أن السارق يعرض قطع يده بما لا غنى له به لأن البيضة من السلاح لا يستغني بها أحد قال الحافظ =

<<  <   >  >>