للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب في بول الصبي]

حديث أم قيس بنت محصن حديث صحيح متفق (١) عليه وفيه ثلاثة فوائد:

أحدها: بيان الغسل وإنما هو تحريك المغسول بالماء خلافاً لأبي (٢) (ح) و (ش) (٣) ولما توهَّمه أبو الفرج (٤) المالكي من أن الغسل صبِّ الماء على المغسول خاصة وفي هذا الحديث فأتبعه بالماء ولم يغسله فبيَّن أن الغسل معنى زائد على صب الماء.

الثانية: أن الغرض من إِزالة النجاسة ذهاب (٥) عينها، وإذا زالت بصبِّ الماء عليها لم يفتقر إلى تحريك اليد بالماء وكان البول من الصبي قد وقع على الثوب فصب عليه الماء في الحال، وهو طري، فأخذته أجزاء الماء فلم يحتج إلى تحريك.

الثالثة: قوله: "أُتِيَ بِصَبِيٍّ لَمْ يَأكُلِ الطَّعَامَ"، وقد ظن بعض الناس إن الصبي إذا لم يأكل الطعام لم يغسل بوله لقوله في الحديث: "فَأتْبَعَهُ إِيَّاهُ, ولم يغسله، فخفي عليه تفسير ذلك في اللغة فعاد يطلب التأويل في بول الصبي في غير موضعه، وهذا باب يقع فيه العلماء كثيراً بأن يتأوَّلوا غير موضع التأويل في القرآن والحديث فتبطل المسألة من أصلها كما تأوَّل أيضاً بعضهم من قوله: "أتِي بِصَبِيٍّ لَمْ يَأْكُلِ الطعَامَ" أن بول الأنثى بخلاف بول


(١) متفق عليه البخاري في كتاب الوضوء باب بول الصبيان ١/ ٦٦، ومسلم في كتاب الطهارة باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله ١/ ٢٣٨، والموطأ ١/ ٦٤، وأبو داود ١/ ٢٦١، والترمذي ١/ ١٠٤، والنسائي ١/ ١٥٧ كلهم عن أم قيس بنت محصن "أنَّهَا أتَتْ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، بِابْنٍ لَهَا لَمْ يَأكلِ الطَّعَامَ فَوَضَعَتْهُ في حجْرهِ فَبَالَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى ان نَضحَ بِالْمَاءِ" لفظ مسلم.
(٢) انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ١/ ٦٢.
(٣) انظر المجموع للنووي ٢/ ١٨٥، وشرح النووي على مسلم ٣/ ١٩٥.
(٤) أبو الفرج عمر بن محمَّد الليثي البغدادي الإِمام الفقيه العمدة الثقة، تفقَّه بالقاضي إسماعيل، وكان من كتابه، وعنه أبو بكر الأبهري وابن السكن وغيرهما، ألَّفَ كتاب الحاوي في مذهب مالك واللمع في أصول الفقه.
توفي سنة ٣٣١.
شجرة النور الزكية ١/ ٧٩، الديباج ١/ ١٢٧.
(٥) في (م) إزالة.

<<  <   >  >>