للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتقدم من المتأخر، فوجبَ أن ينظرَ فيه، والذي يستقرَ الآن عندي أنه إذا فصّل وقطع جاز بلا كلام، وإن كان رقماً ولم يكن مجسدًا ففيه إشكال أقواه أنه يجوز لأنه نصٌ في الإباحة بعدَ التحريم (١).

باب الضبّ

فقد تقدم ولكن ذكره في الجامع مشيرًا به إلى نكتةٍ وقع التلويح بها في حديثِ عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أن رجلًا نادى رسوِل الله - صلى الله عليه وسلم - ما ترى في الضبِ فقال: (لستُ بآكلِهِ ولا محرّمه) (٢) فاحتمل أن يكونَ معنى هذا الحديث ما وقع في الصحاح من أنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه (٣). فتركه لأجل العيافة أو يكون لا يأكله لما رواه مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الضب فقال: (إن أمةً من الأمم مسخت فلا


= (٢١٠٧) (٩٦)، من حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية قالت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ماذا أذنبت قال: (ما بال هذه النمرقة) فقالت: اشتريتها لتقعد عليها وتتوسدها ... لفظ البخاري.
(١) قال النووي يجمع بين الأحاديث بأن المراد باستثناء الرقم في الثوب ما كانت الصورة فيه من غير ذوات الأرواح كصورة الشجر ونحوها قال الحافظ ويحتمل أن يكون ذلك قبل النهي كما يدلّ عليه حديث أبي هريرة الذي أخرجه أصحاب السنن ولفظه: (أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي على البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطأن ومر بالكلب فليخرج) ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الترمذي (٢٨٠٦) وقال حسن صحيح، وأبو داود (٤١٥٨)، وأحمد في المسند ٢/ ٣٠٥، ونقل الحافظ عن الشارح قوله: إن كانت الصور ذات أجسام حرم بالإجماع وإن كانت رقمًا فأربعة أقوال، الأول: يجوز مطلقًا على ظاهر قوله (إلا رقمًا في ثوب)، الثاني: المنع مطلقًا حتى الرقم، الثالث: إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز قال وهذا هو الأصح، الرابع: إن كانت مما يمتهن جاز وإن كان معلقًا لم يجز. فتح الباري ١٠/ ٣٩١ ,وانظر العارضة ١٠/ ٢٤٨.
(٢) البخاري في الذبائح باب الضب ٧/ ١٢٥، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٤٣).
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري في الذبائح ٧/ ١٢٥، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٤٥)، والموطأ ٢/ ٩٦٨ عن ابن عباس عن خالد بن الوليد في رواية البخاري والموطأ وفي رواية مسلم عن ابن عباس قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت ميمونة فأتى بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يريد أن يأكل فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: (لا, ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه)، قال خالد: فاجتررته فأكلته ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر.

<<  <   >  >>