للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما تقديره فلا خلاف فيه إلّا أن الشافعي قال يجوز أن يكون رأس المال جزافًا واختلف علماؤنا فيه لاختلافهم في أصل جزاف الدنانير والدراهم فلتأخذ المسألة من هناك وليس بعد هذا طريق إلى العلم إلّا الوزن إن كان موزونًا أو العدد إن كان معدودًا.

وأما النقدية فيه فلم أعلم بين العلماء في وجوبها خلافًا ولعلمائنا فيها اختلاف طويل آل بهم إلى أن يقولوا إن تأخيره بشرط اليوم واليومين جائز وآلت الحال بهم أيضًا إلى أن يقولوا إنه لو تأخر بغير شرط إلى حلول أجل السلم أيضًا لجاز وأين هذا من نهي النبى - صلى الله عليه وسلم - عن الكالئ بالكالئ (١) والصحيح أنه لا يجوز تأخيره لحظة لأنه لا تدعو إلى ذلك حاجة ولا فيه مصلحة وهو داخل في الكالئ بالكالئ (٢) المنهي عنه إجماعًا وكفى أن يكون المسلم فيه مستثنى من بيع ما ليس عندك رخصة للحاجة الداعية إليه فكيف أن يكون رأس المال يتأخر بشرط فيدخل في الكالئ بالكالئ من غير حاجة.

القول في الحكرة والتربص (٣)

ذكر مالك رضوان الله عليه اللفظين جميعًا لأن حكمهما يختلف.


(١) قال أبو عبيد: الكالئ بالكالئ هو النسيئة بالنسيئة بأن يسلم مائة درهم إلى سنة في كر طعام فإذا انقضت السنة قال الذي عليه الطعام للدافع ليس عندي طعام ولكن بعني هذا الكر بمائتى درهم إلى شهر فهذا وكل ما أشبه هذا نسيئة انتقل إلى نسيئة. شرح السنة ٨/ ١١٤.
(٢) هذا الحديث رواه الدارقطنى من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر. سنن الدارقطنى ٢/ ٧١ ورواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٥٧ من نفس الطريق وقال على شرط مسلم ومن طريق أخرى من طريق ذؤيب بن عمامة ثنا حمزة بن عبد الواحد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ورواه ابن عدى في ترجمة موسى بن عبيدة ٦/ ٢٣٣٣ وذكر له عدة أحاديث تفرد بها ثم قال وهذه الأحاديث التي ذكرتها لموسى بن عبيدة بأسانيدها مختلفة عامتها مما ينفرد بها من يرويها عنه عامة متونها غير محفوظة وله غير ما ذكرت من الحديث والضعف على رواياته بيّن.
وعزاه الزيلعي في نصب الراية ٤/ ٤٠ إلى ابن أبى شيبة وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وقال الحافظ صححه الحاكم على شرط مسلم فوهم فإن راويه موسى بن عبيدة الربذى لا موسى بن عقبة ثم نقل عن الدارقطني في العلل بأن موسى بن عبيدة تفرد به وقال فهذا يدل على أن الوهم في قوله (أي الدارقطني) موسى بن عقبة من غيره .. وقال: قال أحمد لا تحل عندي الرواية عنه (أي عن موسى بن عبيدة) ولا أعرف هذا الحديث عن غيره وقال أيضًا ليس في هذا حديث يصح ولكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين وقال الشافعي أهل الحديث يوهنون هذا الحديث. التلخيص الحبير ٣/ ٢٦.
قلت وموسى هذا تقدمت ترجمته والحديث يدور عليه، وعليه يكون ضعيفًا.
(٣) الموطأ ٢/ ٦٥١.

<<  <   >  >>