للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قسَّم للفرس سهمين وللرجل سهماً من النفل (١) أيضاً، وظنّ مالك، رضي الله عنه، أن ذلك أصل في الشريعة أيضاً، والصحيح أن ذلك كله تنفيل لا تأصيل.

[الشهداء في سبيل الله]

تقدم تعديدهم. أخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن فضلهم بأنه يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دماً؛ اللون لون الدم والريح ريح المسك (٢)، وهذا معنى كونه شهيداً لأنه يأتي بشاهده معه، وعلى هذا أدخله مالك، رضي الله عنه، وأدخل أيضاً قوله لشهداء أحد: "هؤُلَاءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ" (٣)؛ فيكون الأول فعيلاً بمعنى فاعل، ويكون الثاني فعيلاً بمعنى مفعول، وقد تضمَّن حديث أبي قتادة في فضل الشهداء فائدة حسنة وهي أنها تكفِّر كل خطيئة إلا الدين (٤)؛ يعني إلَّا حقوق الآدميين، وذلك أن الله تعالى بفضله يكفِّر جميع الذنوب


= في خالد، رضي الله عنه، وانتهكا حرمة الوالي ومن ولَّاه.
الوجه الثاني: لعله استطاب قلب صاحبه فتركه صاحبه باختياره وجعله للمسلمين، وكان المقصود بذلك استطابة قلب خالد، رضي الله عنه، للمصلحة في إكرام الأمراء. شرح النووي على مسلم ١٢/ ٦٤.
(١) ثبت ذلك من حديث ابن عمر عند الشيخين البخاري في الجهاد والسير باب سهام الفرس ٤/ ٣٧، ومسلم في الجهاد والسير باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين ٢/ ١٢٨٢، ولفظه: (أَنَّ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْماً).
(٢) متفق عليه. البخاري في كتاب الجهاد باب من يجرح في سبيل الله عَزَّ وَجَلَّ ٤/ ٢٢، ومسلم في الإمارة باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله ٣/ ١٤٩٦، والموطّأ ٢/ ٤٦١ كلهم عن أبي هُرَيْرَة ولفظه: (لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ في سَبِيلِ الله، وَالله أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلمُ في سَبِيلِهِ إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَماً، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرَّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ).
(٣) الموطأ ٢/ ٤٦١، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ، - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ .. قال ابن عبد البر: مرسل عند جميع الرواة لكن معناه يستند من وجوه صحاح كثيرة، شرح الزرقاني ٣/ ٣٧، ويشهد له ما رواه البخاري في غزوة أحُد باب من قتل من المسلمين يوم أحد بسنده إلى جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما (.. أَنَّ رَسُولَ اللهِ، - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذاً لِلْقُرْآنِ فَإذَا أُشِيرَ لَه إلَى أَحَدٍ قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ وَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ..) البخاري ٦/ ١٣١.
درجة الحديث: صحيح.
(٤) الموطأ ٢/ ٤٦١، ومسلم في كتاب الإمارة باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين ٣/ ١٥٠١، =

<<  <   >  >>