للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إما أن تكون اليدان محجلة خاصة وهو موضع القيد.

وإما أن يكون التحجيل في اليدين والرجلين باختلاف يمين يد مع يسار رجل، أو يسار يد مع يمين رجل، وهذا الذي يكره في الخيل هو الذي يُتقى فيه الشؤم المذكور في الحديث وهو مذهب البخاري وعليه بوَّب (١). وقوله الأَرثم يعني الذي بشفته العليا بياض، وقوله الأقرح يعني الذي بجبينه غرَّة مستديرة، وأما حديث أبي قتادة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال فيه: "مَنْ قَتَلَ قَتَيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيَّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ" (٢) بعد انقضاء القتال، فقال (ش) وغيره: إن ذلك إخبار عن حكم الشرع (٣)، وقال مالك وغيره: إن ذلك نفل من الإِمام وحكم النفل وحلّه أن يكون بعد القتال؛ لأنه إن كان قبل القتال كان تحضيضاً على القتال طلباً للدنيا (٤) وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قَضَى بِالسَّلَبِ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ) في حديث معاذ بن عمرو بن الجموح (٥)، ورده في حديث خالد من يد آخذه (٦)، وأعطاه تارة أخرى من النفل، كما


(١) ذكر ذلك في الجهاد فقال: باب ما يذكر من شؤم الفرس ٤/ ٣٥ وساق بسنده إلى ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: سَمِعْتُ الْنَّبِيَّ، - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (إنَّمَا الشُّؤْمُ في ثَلَاثَةٍ في الْفَرَسِ وَالْمَرْأةِ وَالدَّارِ).
(٢) متفق عليه. البخاري في الجهاد باب من لم يخمس الأسلاب ٤/ ١١٢، وفي المغازي باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} ٥/ ١٢٧، ومسلم في الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل ٣/ ١٣٧٠، والموطّأ ٢/ ٤٥٤ - ٤٥٥، وأبو داود ٣/ ٧٠، وشرح السنة ١١/ ١٠٥.
(٣) انظر شرح السنة ١١/ ١٠٨، فتح الباري ٦/ ٢٤٧، وشرح النووي على مسلم ١٢/ ٥٩.
(٤) قال ابن رشد: قال مالك: لا يستحق القاتل سلب المقتول إلا أنه ينفله له الإِمام على جهة الاجتهاد وذلك بعد الحرب، وبه قال أبو حنيفة والثوري. بداية المجتهد ١/ ٢٩٠، وانظر المنتقى ٣/ ١٩٠، وشرح الزرقاني ٣/ ٢٥.
(٥) متفق عليه البخاري في الجهاد باب من لم يخمّس الأسلاب ٤/ ٧٣، ومسلم في الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل ٣/ ١٣٧٢، وشرح السنة ١١/ ٣٨٣ كلهم من حديث إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف.
(٦) روى مسلم من طريق عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك قال: (قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلاً مِنَ الْعَدُوَّ فَأَرَادَ سَلبَهُ فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِياً عَلَيْهِمْ، فَأَتَى رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، عَوْف بْن مَالِكٍ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لِخَالِدٍ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ قَالَ: اسْتَكْثَرْتهُ يَا رَسُولَ الله، قَالَ ادْفَعْهُ إلَيْهِ فَمَرَّ خَالِدٌ فَجَرَّهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسْولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فَسَمِعَهُ رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَغْضَبَ فَقَالَ: لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ ...)، مسلم في الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل ٢/ ١٢٧٢، قال النووي: وهذا الحديث قد يستشكل من حيث إن القاتل قد استحق السلب فكيف منعه إياه ويجاب عنه بوجهين:
أحدهما: لعله أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنما أخَّره تعزيراً له ولعوف بن مالك لكونهما أطلقا ألسنتهما =

<<  <   >  >>