للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلافاً كثيراً؛ فمنهم من قال: لا تذبح في اليوم الثاني إلا وقت الذبح في اليوم الأول، ومنهم من قال: يذبح بعد طلوع الفجر، واختاره أصبغ (١). والأول عندي أولى لأن اليوم الثاني لاحق للأول في صفته فيلحق به في وقته، ومنهم من قال لا تجزىء الأضحية ولا الهدي ليلاً، واختاره (٢) مالك، رضي الله عنه. وروى ابن القصار (٣) عنه أنه يجزىء وينبني هذا الخلاف على قوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (٤). ونحن ممن يقول: إن الأيام لفظ ينطلق على الليل (٥) والنهار ولكن جرت السنة بالذبح نهاراً، وقال أشهب (٦): يجزىء بالليل الهدي دون الأضحية لأن الله ذكر في الهدي الأيام، وهي مشتملة على الليل والنهار كافة كما تقدم، وجرى العمل في الأضحية بذبحها نهاراً، وخذوا من هذا نكته بديعة وذلك أن كل قربة تكون مختصة بالمتقرِّب فهي جائزة ليلاً ونهاراً وأفضلها الليل، وكل قربة تتعدى إلى الغير، وخصوصاً الصدقة، فإنها لا تفعل ليلاً إنما تفعل نهاراً حيث ينتشر المحتاج ولو لم يكن في ذلك إلا قصة أصحاب الجنة {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلَا يَسْتَثْنُونَ} (٧).

[الشركة في الضحايا]

ذكر مالك رضي الله عنه في الباب حديث جابر بن عبد الله في الاشتراك في ذلك (٨)


= بني جذام، من أرض جشمى. وذكر أيضاً فيمن أسلم من بني الضبيب، وذكر أنه قاتل الرهط الذين خرجوا على دحية الكلبي وكان فيهم النعمان بن أبي جعال فرماه قرة فأصاب ركبته وقال: خذها وأنا ابن ليثى. قال الرشاطي: ضبط عن ابن إسحاق بالضاد والزاي المعجمتين، وذكره ابن حبان بالصاد والراء المهملتين. الإصابة ٣/ ٣٣٢.
(١) تقدمت ترجمته.
(٢) قال النووي: مذهبنا جواز الذبح ليلاً ونهاراً في هذه الأيام. لكن يكره ليلًا. وبه قال أبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور والجمهور وهو الأصح عن أحمد، وقال مالك: لا يجزيه الذبح ليلاً بل يكون شاة لحم وهي رواية عن أحمد، المجموع ٨/ ٣٩١، وانظر أحكام القرآن للرازي ١/ ١٧٦، وأحكام القرآن للشارح ١/ ١٤٠، مختصر ابن كثير ١/ ١٨٣، وبداية المجتهد ١/ ٤٣٧.
(٣) تقدم.
(٤) كذا ورد في جميع النسخ والصواب {وَاذْكُرُوا اللَّه فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} البقرة آية ٢٠٣.
(٥) انظر الأحكام له ١/ ١٤١.
(٦) تقدمت ترجمته.
(٧) سورة القلم آية ١٧ - ١٨.
(٨) الموطأ ٢/ ٤٨٦، ولفظه عنه قال (نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، عَامَ الْحُدَيْبِيَّةِ الْبُدْنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ =

<<  <   >  >>