للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جابر بن عبد الله ومعه حمَّال منه فعاتبه وقال: إني (١) أخشى أن تكون ممن قال الله تعالى فيه {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} وهذا الذي ندب إليه عمر رضي الله عنه من أداب الشريعة، فإن من حسن معاش المرء إلَّا يسترسل على الشهوة دائمًا، فإنه إذا اعتادها ففقدها لم يستطع الصَّبر عنها فأما أن يتكلف ما لا يجوز، وإما أن يقيم معذب النفسِ، هذا إذا قام بحقها، وأما إن قصَّر فيه مثل أن يشبع، فلا يطيع أو يبيت شبعانًا أو جاره طيّانًا، فقد صار ذلك في حد المعصيةِ وخرج عن باب المباحِ وفي مثله يقال {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا, واستمتعتم بها}. يريد فلم تطيعوا ولم تواسوا.

[ما جاء في لبس الخاتم]

ذكر حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان يلبسُ خاتمًا من ذهب ثم نبذه) (٢) والأصل في الخاتم وسبب كسبه أن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أرادَ أن يكتب إلى الأعاجم فقيلَ له إنهم لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا، فاتخذ خاتمًا كله من فضةٍ (٣) فصّه منه (٤) وقد نبذَ خاتمًا كان في يده من فضةٍ (٥) والذي استقرَ عليهِ الحال أنه اتخذ خاتمًا فضهُ من فضة وزن درهيمن وقد جاءَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل وعليهِ خاتم من شبهِ يعني الصفر فقال له: (إني لأجدُ منك ريح الأصنام)، وجاء إليه


يا أمير المؤمنين قَرِمْنا إلى اللحم فاشريت بدرهم لحمًا، فقال عمر: أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه عن جاره أو ابن عمه أين تذهب عنكم هذه الأية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} الأحقاف الآية (٢٠) الموطأ ٢/ ٩٣٦.
(١) في ج إني لأخشى.
(٢) مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس خاتمًا من ذهب ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنبذه وقال: (لا ألبسه أبدًا) قال: فنبذ الناس خواتمهم، الموطأ ٢/ ٩٣٦، ورواه البخاري في كتاب اللباس باب حدثنا عبد الله بن مسلمة ٧/ ٢٠١.
(٣) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب باب الروم قيل له: إنهم لن يقرؤوا كتابك إذا لم يكن مختومًا فاتخذ خاتمًا من فضة ونقشه محمد رسول الله ... البخاري في اللباس باب اتخاذ الخاتم ٧/ ٢٠٣، ومسلم في اللباس والزينة باب اتخاذ النبيّ خاتمًا لما أراد أن يكتب باب العجم حديث (٢٠٩٢)، والبغوي في شرح السنة ١٢/ ٦٠، وأبو داود (٤٢١٤)، والترمذي (٢٧١٩)، والنسائي (٥١٩٩)، وابن ماجه (٣٦٤١).
(٤) وفي رواية حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان خاتمه من فضّة وكان فصه منه. البخاري في كتاب اللباس باب فص الخاتم ٧/ ٢٠١، وأبو داود (٤٢١٧).
(٥) متفق عليه من حديث أنس البخاري في اللباس ٧/ ٢٠١، ومسلم في اللباس (٢٠٩٣).

<<  <   >  >>