للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عيادة المريض والطيرة (١)

أما قوله النبي - صلى الله عليه وسلم - (إن عائد المريض يخوض الرحمة) (٢) فهو كقوله (عائد المريض في غرفة الجنّة) (٣) وذلك أن عيادة المريض والمشي إليه سببٌ إلى الجنَّة فعبَّر عن المسبب بالسببِ على أحد قسمي المجاز ترغيبًا في العيادةِ لما فيها من الألفةِ والشفقةِ ولما يدخلَ على المريض من الإنس بعائده والسكون إلى كلامه ولذلك قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخلتم على المريض فنفسوا في أجله فإن ذلك لا يرد القدر ويطيّب نفسَهُ) (٤) ولو لم يكن فيها من الفائدة إلا ما قال النّبي - صلى الله عليه وسلم -): (من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال له سبع مرّاتٍ أسأل الله العظيم رب العرشِ العظيم أن يشفيك عوفي من ذلك المرض) (٥)، وربما احتاج المريض إلى التمريض فيتناول ذلك العائد إن لم يكن له أهل وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (عودُوا


لكل داء دواء حديث (٢٢١١) والموط ٢/ ٩٤٥ وشرح السنة ١٢/ ١٥٣ من حديظ فاطمة بنت المنذر أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كانت إذا أتيت بالمرأة قد حُمَّت تدعو لها أخذت الماء فصبته بينها وبين جيبها قالت وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نبردها بالماء.
(١) الموط ٢/ ٩٤٦.
(٢) مالك إنه بلغه عن جابر بن عبد الله أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا عاد الرجل المريض خاض الرحمة حتى إذا قعد عنده قرت فيه) أو نحو هذا وهذا البلاغ رواه الإِمام أحمد في مسنده ٣/ ٣٠٤ مسندًا من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من عاد مريضًا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع فإذا جلس انغمس فيها) ورواه البيهقي في شعب الإيمان (٩١٧٩) والحديث قال عنه الزرقاني رجاله رجال الصحيح شرح الزرقاني على الموطأ ٤/ ٣٣٢.
(٣) رواه مسلم في كتاب البر والصلة باب فضل عيادة المريض (٢٥٦٨) من حديث ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عائد المريض في مخرفة الجنة حتى يرجع).
قال ابن الأثير المخارف جمع مخرف بالفتح وهو الحائط من النخل أي أن العائد فيما يحوز من الثواب كأنه على نخل الجنة يخترف ثمارها وقيل المخارف جمع مخرفة وهي سكة بين صفين من نخل يخترف من أيهما شاء أن يجتني وقيل المخرفة الطريق أي أنه على طريق تؤديه إلى طريق الجنة. النهاية ٢/ ٢٤.
(٤) رواه الترمذي من طريق موسى بن محمَّد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري (٢٠٨٧) وقال هذا حديث غريب، وابن ماجه (١٤٣٨)، والبغوي في مصابيح السنة ١/ ٥٣٠ والحديث فيه موسى بن محمَّد بن إبراهيم التيمي قال عنه الحافظ منكر الحديث. التقريب ص ٥٥٣ وعليه فهو ضعيف.
(٥) رواه أبو داود في الجنائز باب الدعاء للمريض (٣١٠٦)، والترمذي في الطب (٢٠٨٣) وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث المنهال بن عمرو والحديث من رواية ابن عباس وقد صححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير ٥/ ٣٢٢ وفي تخريج مشكاة المصابيح ١/ ٤٨٩.

<<  <   >  >>