للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاهلاً رأى هذا الثوب، ولم يقل عالماً (١). وأما تخمير المحرم وجهه فالعمدة فيه إنه مأمور بكشف رأسه الذي هو مستور دائماً فكيف أن يستر (٢) وجهه (٣)؟

[الطيب في الحج]

ذكر فيه حديث عائشة (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم - (٤)) الحديث وروي (كُنْتُ أنظُرُ إلَى وَبِيصَ الطَّيب في مَفَارِقِ رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرَمٌ (٥)). واختلف الناس في ذلك اختلافاً متبايناً؛ فالشافعي، من فقهاء الأمصار، رأى أخذ الحديث بظاهره (٦). وانتهت الكراهية بقوم فيه لأن يقول عالمهم: لأن أُطلى بقطران أحبُّ إليَّ من أن أصبح محرماً أنضح طيباً (٧). واختلف الناس في تأويل هذا الحديث على أربعة أقوال: فمنهم من قال: كان ذلك خصوصاً للنبي، - صلى الله عليه وسلم - (٨).


(١) قال له عمر: فلو أن رجلاً جاهلاً رأى هذا الثوب لقال إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئاً من هذه الثياب المصبغة.
(٢) هذه مسألة اختلف فيها الأئمة: ذهب الشارح إلى مذهب مالك وأبي حنيفة. قال النووي: مذهبنا إنه يجوز للرجل المحرم ستر وجهه ولا فدية عليه، وبه قال جمهور العلماء. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز كرأسه، واحتج لهما بحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم الذي خرّ من بعيره: (وَلاَ تخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلاَ رَأْسَهُ). المجموع ٧/ ٢٦٨، وانظر مسلم في كتاب الحج باب ما يفعل بالمحرم إذا مات ٢/ ٨٦٥، والبخاري أيضاً في الجنائز باب الكفن في ثوبين ٢/ ٩٦.
(٣) وفي (ك) زيادة والله يوفق برحمته.
(٤) لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت. الموطأ ١/ ٣٢٨، والحديث متفق عليه. البخاري في الحج باب الطيب عند الإحرام ٢/ ١٦٨، ومسلم في الحج باب الطيب للحرم عند الإحرام ٢/ ٨٤٦، والبغوي في شرح السنة ٧/ ٤٥.
(٥) متفق عليه. البخاري في الغسل باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب ١/ ٧٦، ومسلم في الحج باب الطيب للمحرم عند الإحرام ٢/ ٨٤٧، كلاهما عن عائشة.
(٦) انظر المجموع للنووي ٧/ ٢٢١. وفتح الباري ٣/ ٣٩٨، وشرح السنة ٧/ ٤٧.
(٧) متفق عليه. البخاري في كتاب الغسل باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب ١/ ٧٦، ومسلم في الحج باب الطيب للمحرم عند الإحرام ٢/ ٨٤٩، كلاهما من رواية محمد بنِ المُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْد الله بْنَ عُمَرَ عَنِ الرجلِ يتطيب ثم يُصْبح مُحْرَماً، فَقَالَ: مَا أحِبُّ أَنْ أصْبحَ محْرَماً أَنْضَح طِيباً لأن أُطْلَى بقَطْرَانٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذلِكَ، فَدخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فَأخْبَرْتهَا أَنَّ أبنَ عُمَرَ قَال- .. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَنَا طَيبْت رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ إحْرَامِهِ ثم طَافَ عَلَى نِسَائه ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرَماً ..
(٨) قال المهلب وأبو الحسن بن القصار وأبو الفرج المالكية .. قال الحافظ بعد نقل هذا القول: ورجّحه =

<<  <   >  >>