كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

غسل المحرم - الطيب في الحج - ص: 552

قلت: وهذا قول حسن قوي في النظر؛ وذلك أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بما روي عنه من الآثار، وقامت عليه الأدلة من سائر الأخبار (حُبَّبَ إلَيَّ مِنْ دنْيَاكُمُ (١) ثَلَاثٌ (٢)) الحديث. فلما أدخل الله تعالى حبها في قلبه خصَّه بكل واحدة منها بفرضه. فأما الصلاة فأفرده فيها بقيام الليل (٣)، وأما النكاح فأفرده بالزيادة في العدد (٤) ويإسقاط الصداق في الموهوبة (٥)

---

= ابن العربي بكثرة ما ثبت له من الخصائص في النكاح .. وتعقب بأن الخصائص لا تثبت بالقياس. فتح الباري ٣/ ٣٩٩.
(١) النسائي ٧/ ٦١، وأحمد في المسند ٣/ ١٢٨ - ١٩٩ - ٢٨٥، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٧٨، والحاكم في المستدرك ٢/ ١٦٠ وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وكذا قال الذهبي، وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه لأحمد، وفد وهَّمه المناوي بنسبته إلى أحمد في المسند وإنه ما أخرجه إلا في الزهد، وقال من جملة من قال ذلك المؤلف نفسه، فيض القدير ٣/ ٣٧١، والحديث من رواة أنس. قلت: والصواب إن أحمد أخرجه كما تقدم، والحديث فيه محمَّد بن عبد الرحمن الطفاوي، أبو المنذر البصري، صدوق يهم من الثامنة/ خ د ت س، ت ٢/ ١٨٥ وقال في ت ت: قال علي ابن المديني: كان ثقة وقال أبو داود وأبو حاتم: ليس به بأس، زاد أبو حاتم: صدوق صالح إلا أنه يهم أحياناً، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات. ت ت ٩/ ٣٠٩.
درجة الحديث: نقل المناوي عن العراقي قوله إسناده جيد، وعن ابن حجر إنه حسن، فيض القدير ٣/ ٣٧١. والظاهر إنه حسن لغيره لأن محمَّد بن عبد الرحمن صدوق يهم، وحسّنه الشيخ ناصر الألباني في تعليقه على المشكاة ٣/ ١٤٤٨.
(٢) هذه اللفظة الراجح عدم صحتها؛ فقد قال المناوي: زاد الزمخشري لفظ ثلاث وهو وهم. قال العراقي في أماليه: لفظ ثلاث ليست في شيء من كتب الحديث وهي تفسد المعنى، وقال الزركشي: لم يرد فيه لفظ ثلاث وزيادتها مخلّة للمعنى، وقال ابن حجر: لم تقع في شيء من طرقه وهي تفسد المعنى إذا لم يذكر بعدها إلا الطيب والنساء ثم لم يضفه إلى نفسه. فيض القدير ٣/ ٣٧٠. درجة هذه الزيادة باطلة كما قال الشيخ ناصر الألباني في تعليقه على المشكاة ٣/ ١٤٤٨.
(٣) قال القرطبي: اختلف هل كان قيام الليل فرضاً على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وحده أو عليه وعلى من كان قبله من الأنبياء أو عليه وعلى أمته ثلاثة أقوال:
الأول: قول سعيد بن جبير لتوجيه الخطاب إليه خاصة. الثاني: قول ابن عباس قال: كان قيام الليل فريضة على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الأنبياء قبله.
الثالث: قول عائشة وابن عباس وهو الصحيح. تفسير القرطبي ١٩/ ٣٣ وقال أيضاً إن قيام الليل كان واجباً عليه إلى أن مات لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ} والمنصوص أنه كان واجباً عليه ثم نسخ. تفسير القرطبي ١٤/ ٢١١.
(٤) قال في الأحكام ص ١٥٥٤: عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على عدة من النساء وسردهم، وقال: ومات عن تسع.
(٥) قال تعالى في سورة الأحزاب آية ٥٠ {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.
قال القرطبي: أي أحللنا لك امرأة تهب نفسها من غير صداق. تفسير القرطبي ٤/ ٢٠٨.